صفحة جزء
340 - ( 11 ) - حديث عمران بن حصين : { من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد } البخاري بلفظ : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدا ، فقال : { إن صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما }الحديث مثله .

( تنبيه ) المراد بالنائم المضطجع ، وصحف بعضهم هذه اللفظة فقال : إنما هو صلى بإيماء أي بالإشارة كما روي { أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ظهر الدابة يومئ إيماء } ، قال : ولو كان من النوم ; لعارض نهيه عن الصلاة لمن غلبه النوم ، وهذا إنما قاله هذا القائل بناء على أن المراد بالنوم حقيقته ، وإذا حمل على الاضطجاع اندفع الإشكال . قوله : ويروى : { صلاة النائم على النصف من صلاة القاعد }قلت : رواه بهذا اللفظ ابن عبد البر وغيره ، وقال السهيلي في الروض : نسب بعض الناس [ ص: 412 ] النسائي إلى التصحيف ، وهو مردود في الحديث لأنه الرواية الثابتة : { وصلاة النائم على النصف من صلاة القاعد }.

قلت : وهو يدفع ما تعلل به القائل الأول ، وقال ابن عبد البر : جمهور أهل العلم لا يجيزون النافلة مضطجعا ، فإن أجاز أحد النافلة مضطجعا مع القدرة على القيام فهو حجة له ، وإن لم يجزه أحد فالحديث إما غلط أو منسوخ ، وقال الخطابي : لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في صلاة التطوع نائما كما رخصوا فيها قاعدا ، فإن صحت هذه اللفظة ولم تكن من كلام بعض الرواة أدرجها في الحديث ، وقاسه على صلاة القاعد ، أو اعتبره بصلاة المريض نائما إذا عجز عن القعود ، فإن التطوع مضطجعا للقادر على القعود ، انتهى . وما ادعياه من الاتفاق على المنع مردود ، فقد حكاه الترمذي عن الحسن البصري وهو أصح الوجهين عند الشافعية . قوله : روي عن ابن عباس لما وقع الماء في عينيه قال له الأطباء : إن مكثت سبعا لا تصلي " إلا " مستلقيا عالجناك ، فسأل عائشة وأم سلمة وأبا هريرة وغيرهم من الصحابة ، فلم يرخصوا له في ذلك ، فترك المعالجة ، وكف بصره . رواه الثوري في جامعه عن جابر عن أبي الضحى ، أن عبد الملك أو غيره بعث إلى ابن عباس بالأطباء على البرد ، وقد وقع الماء في عينيه ، فقالوا : تصلي سبعة أيام مستلقيا على قفاك ، فسأل أم سلمة ، وعائشة فنهتاه ، ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم والبيهقي ، وأما استفتاؤه لأبي هريرة فأخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق الأعمش عن المسيب بن رافع عن ابن عباس في هذه القصة ، قال : فأرسل إلى عائشة ، وأبي هريرة وغيرهما ، قال : فكلهم قال : إن مت في هذه السنة كيف تصنع بالصلاة ؟ قال : فترك عينه فلم يداوها .

وفي هذا إنكار على النووي في إنكاره على الغزالي تبعا لابن الصلاح ذكره لأبي هريرة في هذا ، فقال : استفتاؤه لأبي هريرة لا أصل له ، وقال في التنقيح : الصحيح عن ابن عباس أنه كره ذلك كذا رواه عنه عمرو بن دينار . قلت : والرواية المذكورة عن عمرو صحيحة أخرجها البيهقي وليس فيها منافاة للأولى ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية