صفحة جزء
353 - ( 24 ) - قوله : يستحب عقب الفراغ من الفاتحة آمين ، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأنه يشير إلى ما رواه الدارقطني والحاكم من طريق الزبيدي عن الزهري عن سعيد ، وأبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته ، وقال : آمين }قال الدارقطني : إسناده حسن ، وقال الحاكم : صحيح على شرطهما ، وقال البيهقي : حسن صحيح .

وعند النسائي من طريق نعيم المجمر عن أبي هريرة : { صلى بنا أبو هريرة حتى بلغ ولا الضالين ، قال : آمين }ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وعلقه البخاري .

354 - ( 25 ) - حديث وائل بن حجر : { صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قال : ولا الضالين ، قال : آمين ومد بها صوته } ، الترمذي ، وأبو داود والدارقطني وابن حبان من طريق الثوري عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عنه ، وفي رواية أبي داود ، { ورفع بها صوته } ، وسنده صحيح الدارقطني ، وأعله ابن القطان بحجر بن عنبس ، وأنه لا يعرف ، وأخطأ في ذلك بل هو ثقة معروف ، قيل : له صحبة ، ووثقه يحيى بن معين وغيره ، وتصحف [ ص: 428 ] اسم أبيه على ابن حزم ، فقال فيه : حجر بن قيس ، وهو مجهول .

وهذا غير مقبول منه ، ورواه ابن ماجه من طريق أخرى عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ، قال : { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قال : ولا الضالين ، قال آمين فسمعناها منه }ورواه أحمد والدارقطني من هذا الوجه بلفظ { مد بها صوته }. قال الترمذي في جامعه : رواه شعبة عن سلمة بن كهيل ، فأدخل بين حجر ، ووائل ، علقمة بن وائل ، فقال : { وخفض بها صوته }قال : وسمعت محمدا يقول : حديث سفيان أصح ، وأخطأ فيه شعبة في مواضع ، قال : عن حجر أبي العنبس ، إنما هو أبو السكن ، وزاد فيه علقمة وليس فيه علقمة وقال : { خفض بها صوته }وإنما هو { ومد بها صوته }وكذا قال أبو زرعة . قال الترمذي : وروى العلاء بن صالح عن سلمة نحو رواية سفيان ، وقال أبو بكر الأثرم : اضطرب فيه شعبة ، في إسناده ومتنه ، ورواه سفيان فضبطه ، ولم يضطرب في إسناده ولا في متنه . وقال الدارقطني : يقال : وهم فيه شعبة ، وقد تابع سفيان ، محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه ، وقال ابن القطان : اختلف شعبة ، وسفيان فيه ، فقال شعبة : خفض ، وقال الثوري : رفع ، وقال شعبة : حجر أبو العنبس .

وقال الثوري : حجر بن عنبس ، وصوب البخاري ، وأبو زرعة ، قول الثوري ، وما أدري لم لم يصوبا القولين حتى يكون حجر بن عنبس هو أبو العنبس ؟ قلت : وبهذا جزم ابن حبان في الثقات أن كنيته كاسم أبيه ، ولكن قال البخاري : إن كنيته أبو السكن ، ولا مانع أن يكون له كنيتان ، قال : واختلفا أيضا في شيء آخر ، فالثوري يقول : حجر ، عن وائل ، وشعبة يقول : حجر عن علقمة بن وائل عن أبيه ، قلت : لم يقف ابن القطان على ما رواه أبو مسلم الكجي في سننه : حدثنا عمرو بن مرزوق ، ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر عن علقمة بن وائل عن وائل ، قال : وقد سمعه حجر من وائل قال : { صلى النبي صلى الله عليه وسلم }فذكر الحديث ، وهكذا رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن سلمة ، سمعت حجرا أبا العنبس ، سمعت [ ص: 429 ] علقمة بن وائل عن وائل ، قال : وسمعته من وائل ، فبهذا تنتفي وجوه الاضطراب عن هذا الحديث ، وما بقي إلا التعارض الواقع بين شعبة ، وسفيان فيه في الرفع والخفض ، وقد رجحت رواية سفيان بمتابعة اثنين له بخلاف شعبة ، فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح ، والله أعلم .

( تنبيه ) احتج الرافعي بحديث وائل على استحباب الجهر بآمين .

وقال في أماليه : يجوز حمله على أنه تكلم بها على لغة المد ، دون القصر من جهة اللفظ ، ولكن رواية من قال : رفع صوته ، تبعد هذا الاحتمال ، ولهذا قال الترمذي عقبه : وبه يقول غير واحد ، يرون أنه يرفع صوته .

( فائدة ) قال ابن أبي حاتم في العلل : سألت أبي عن حديث حدثناه أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا بكر بن عبد الرحمن عن عيسى بن المختار عن ابن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علي : { أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : آمين حين يفرغ من قراءة فاتحة الكتاب } ، فقال : هذا عندي خطأ ، إنما هو حجر بن عنبس عن وائل ، وهذا من ابن أبي ليلى فإنه كان سيئ الحفظ ، قلت : وروى المطلب بن زياد عن ابن أبي ليلى أيضا عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش ، عن علي نحوه ، فقال : هذا خطأ .

355 - ( 26 ) - حديث أبي هريرة : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمن ، أمن من خلفه ، حتى إن للمسجد ضجة }. لم أره بهذا اللفظ ، لكن روى معناه ابن ماجه من حديث بشر بن رافع عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة قال : { ترك الناس التأمين ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : آمين حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد }. ورواه أبو داود من هذا الوجه بلفظ : حتى يسمع من يليه من الصف الأول . ولم يذكر قول أبي هريرة ، وبشر بن رافع ضعيف ، وابن عم أبي هريرة قيل : لا يعرف ، وقد وثقه ابن حبان .

( تنبيه ) قال ابن الصلاح في الكلام على الوسيط : هذا الحديث أورده الغزالي [ ص: 430 ] هكذا تبعا لإمام الحرمين فإنه أورده في نهايته كذلك ، وهو غير صحيح مرفوعا ، وإنما رواه الشافعي من حديث عطاء ، قال : كنت أسمع الأئمة ، ابن الزبير فمن بعده يقولون : آمين حتى إن للمسجد للجة ، وقال النووي مثل ذلك وزاد : هذا غلط منهما ، وكأنه وابن الصلاح أرادا لفظ الحديث ، والحق معهما ، لكن سياق ابن ماجه يعطي بعض معناه كما أسلفناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية