صفحة جزء
369 - ( 40 ) - حديث عبد الله بن أبي أوفى : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السموات وملء الأرض ، وملء ما شئت بعد } مسلم بهذا ، وزاد في آخره { اللهم طهرني بالثلج ، والبرد ، والماء البارد }.

370 - ( 41 ) - حديث علي : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول مع الدعاء المذكور يعني في حديث ابن أبي أوفي { أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد }لم أجده من حديث علي ، بل رواه مسلم من حديث [ ص: 442 ] أبي سعيد الخدري ، ومن حديث ابن عباس بتمامه ، ورواه ابن ماجه من حديث أبي جحيفة ، وفيه قصة .

( تنبيه ) وقع في المهذب كما وقع هنا بإسقاط الألف من أحق ، وبإسقاط الواو قبل كلنا ، وتعقبه النووي ، بأن الذي عند المحدثين بإثباتهما كذا قال ، وهو في سنن النسائي بحذفهما أيضا .

371 - ( 42 ) - حديث : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على قاتلي أصحابه ببئر معونة ، ثم ترك ، فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا } الدارقطني من حديث عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس بهذا ، ومن طريق عبد الرزاق وأبي نعيم ، عن أبي جعفر مختصرا ، ورواه أحمد عن عبد الرزاق ، ورواه البيهقي من حديث عبيد الله بن موسى ، وأبي نعيم ، وصححه الحاكم في كتاب القنوت ، وأول الحديث في الصحيحين من طريق عاصم الأحول عن أنس ، وأما باقيه فلا ، ورواية عبد الرزاق أصح من رواية عبيد الله بن موسى فقد بين إسحاق بن راهويه في مسنده سبب ذلك ، ولفظه عن الربيع بن أنس قال : قال رجل لأنس بن مالك : أقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على حي من أحياء العرب ؟ قال فزجره أنس ، وقال : { ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا }. وأبو جعفر الرازي ، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه : ليس بالقوي ، وقال ابن أبي مريم [ ص: 443 ] عن ابن معين : ثقة ولكنه يخطئ . وقال الدوري : ثقة ، ولكنه يغلط فيما يروي عن مغيرة . وحكى الساجي أنه قال : صدوق ليس بمتقن . وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه : هو نحو موسى بن عبيدة يخلط فيما يروي عن مغيرة ونحوه . وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني : ثقة .

قلت : محمد بن عثمان ضعيف ، فرواية عبد الله بن علي عن أبيه أولى وقال أبو زرعة : يهم كثيرا ، وقال : عمرو بن علي : صدوق سيئ الحفظ ، ووثقه غير واحد ، وقد وجدنا لحديثه شاهدا رواه الحسن بن سفيان عن جعفر بن مهران عن عبد الوارث عن عمرو عن الحسن عن أنس قال : { صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته } ، وخلف أبي بكر كذلك ، وخلف عمر كذلك .

وغلط بعضهم فصيره عن عبد الوارث عن عوف فصار ظاهر الحديث الصحة وليس كذلك ، بل هو من رواية عمرو وهو ابن عبيد رأس القدرية ، ولا يقوم بحديثه حجة ، ويعكر على هذا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان ، { قلنا لأنس : إن قوما يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الفجر فقال : كذبوا إنما قنت شهرا واحدا يدعو على حي من أحياء المشركين }. وقيس وإن كان ضعيفا لكنه لم يتهم بكذب .

وروى ابن خزيمة في صحيحه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت ; إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم } ، فاختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة ، وسيأتي ذكر من تكلف الجمع بين هذه الأحاديث والله الموفق .

( تنبيه ) عزا هذا الحديث بعض الأئمة إلى مسلم فوهم ، وعزاه النووي إلى المستدرك للحاكم وليس هو فيه ، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد في القنوت ونقل البيهقي تصحيحه عن الحاكم ، فظن الشيخ أنه في المستدرك .

قوله : وروى القنوت في الصبح عن الخلفاء الأربعة ، البيهقي من طريق العوام بن حمزة قال : سألت أبا عثمان عن القنوت في الصبح . فقال : بعد الركوع ، قلت : عن من ؟ فقال : عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، ومن طريق قتادة عن الحسن عن أبي رافع : أن عمر كان يقنت في الصبح . ومن طريق حماد ، [ ص: 444 ] عن إبراهيم عن الأسود قال : صليت خلف عمر في الحضر والسفر فما كان يقنت إلا في صلاة الفجر .

وروى أيضا بسند صحيح عن عبد الله بن معقل بن مقرن ، قال : قنت علي في الفجر ، ورواه الشافعي أيضا ويعارض الأول ما روى الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي مالك الأشجعي ، عن أبيه ، قال : { صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي فلم يقنت أحد منهم ، وهو بدعة }. إسناده حسن .

قوله : وأما ما عدا الصبح من الفرائض ، فإن نزل بالمسلمين نازلة من وباء أو قحط فيقنت فيها أيضا في الاعتدال عند ركوع الأخيرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بئر معونة على ما سبق ، وإن لم ينزل نازلة فالأصح لا يقنت { لأنه صلى الله عليه وسلم ترك القنوت فيها } ، أما القنوت في الصلوات فسيأتي بعد ، وأما تركه فرواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر . . . }فذكر الحديث . وفيه : ثم رأيته ترك الدعاء عليهم .

( فائدة ) ورد ما يدل على أن القنوت يختص بالنوازل من حديث أنس أخرجه ابن خزيمة في صحيحه كما تقدم ، ومن حديث أبي هريرة أخرجه ابن حبان بلفظ : { كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد }. وأصله في [ ص: 445 ] البخاري من الوجه الذي أخرجه منه ابن حبان بلفظ : { كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع }.

حديث ابن عباس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة } أحمد وأبو داود والحاكم من حديث هلال بن خباب عن عكرمة عنه ، قال : { قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال : سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة ، يدعو على أحياء من سليم وعلى رعل وذكوان ، وعصية ، ويؤمن من خلفه }.

حديث أبي هريرة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة }متفق عليه من حديثه .

حديث أنس مثل ذلك ، متفق عليه بلفظ : { قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب ثم تركه }. وللبخاري مثله عن عمر ، ولمسلم عن خفاف بن إيماء : وهذا ظاهره يعارض حديث الربيع بن أنس عنه ، وجمع بينهما من أثبت القنوت بأن المراد ترك الدعاء على الكفار لا أصل القنوت .

وروى البيهقي مثل هذا الجمع عن عبد الرحمن بن مهدي بسند صحيح .

( فائدة ) روى البخاري من طريق عاصم الأحول ، عن أنس : أن القنوت قبل الركوع ، وقال البيهقي : رواة القنوت بعد الرفع أكثر وأحفظ وعليه درج الخلفاء [ ص: 446 ] الراشدون .

وروى الحاكم أبو أحمد في الكنى ، عن الحسن البصري قال : صليت خلف ثمانية وعشرين بدريا كلهم يقنت في الصبح بعد الركوع وإسناده ضعيف ، وقال الأثرم قلت : لأحمد يقول أحد في حديث أنس أنه قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول ؟ قال : لا يقوله غيره وخالفوه كلهم هشام عن قتادة والتيمي عن أبي مجلز وأيوب عن ابن سيرين ، وغير واحد عن حنظلة ، كلهم عن أنس ، وكذا روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء وغير واحد وروى ابن ماجه من طريق سهل بن يوسف عن حميد ، عن أنس ، أنه سئل عن القنوت في صلاة الصبح ، أقبل الركوع أم بعده ؟ فقال : كلاهما قد كنا نفعل قبل وبعد ، وصححه أبو موسى المديني .

التالي السابق


الخدمات العلمية