صفحة جزء
36 - ( 11 ) - حديث : { الهرة ليست بنجسة ، إنها من الطوافين عليكم } مالك والشافعي وأحمد والأربعة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي ، من حديث أبي قتادة قال مالك : عن إسحاق بن أبي طلحة ، عن حميدة بنت عبيدة ، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك ، [ ص: 68 ] وكانت تحت ابن أبي قتادة : أنها أخبرتها : أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا ، فجاءت هرة لتشرب منه ، فأصغى لها الإناء حتى شربت ، قالت كبشة : فرآني أنظر إليه ، فقال : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ قالت : قلت : نعم ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات }ورواه الباقون من حديث مالك ، ورواه الشافعي عن الثقة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، ورواه أبو يعلى من طريق حسين المعلم ، عن إسحاق بن أبي طلحة ، عن أم يحيى امرأته ، عن خالتها ابنة كعب بن مالك فذكره ، تابعه همام ، عن إسحاق ، أخرجه البيهقي قال ابن أبي حاتم : سألت أبي ، وأبا زرعة عنه ؟ فقالا : هي حميدة تكنى أم يحيى ، وصححه البخاري ، والترمذي ، والعقيلي ، والدارقطني ، وساق له في الأفراد طريقا غير طريق إسحاق ، فروي من طريق الدراوردي ، عن أسيد بن أبي أسيد ، عن أبيه : { أن أبا قتادة كان يصغي الإناء للهرة فتشرب منه ، ثم يتوضأ بفضلها ، فقيل له : أتتوضأ بفضلها ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم }وأعله ابن منده بأن حميدة وخالتها كبشة محلهما محل الجهالة ولا يعرف لهما إلا هذا الحديث انتهى . فأما قوله : إنهما لا يعرف لهما إلا هذا الحديث ، فمتعقب بأن لحميدة حديثا آخر في تشميت العاطس ، رواه أبو داود ، ولها ثالث رواه أبو نعيم في المعرفة ، وأما حالهما فحميدة روى عنها مع إسحاق ابنه يحيى ، وهو ثقة عند ابن معين ، وأما كبشة فقيل : إنها صحابية ، فإن ثبت فلا يضر الجهل بحالها ، والله أعلم . وقال ابن دقيق العيد : لعل من صححه اعتمد على تخريج مالك ، وأن كل من خرج له فهو ثقة عند ابن معين ، وإما كما صح عنه فإن سلكت هذه الطريقة في [ ص: 69 ] تصحيحه ، - أعني تخريج مالك - ، وإلا فالقول ما قال ابن منده .

( فائدة ) اختلف في حميدة هل هي بضم الحاء أو فتحها .

( تنبيه ) جعل الرافعي تبعا للمتولي : الذي أصغى الإناء للهرة ، هو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال لما تعجبوا من إصغاء الرسول للهرة ، قال : " إنها ليست بنجسة " انتهى . والمعروف في الروايات ما تقدم ، نعم روى البيهقي من حديث عبد الله بن أبي قتادة ، قال : كان أبو قتادة يصغي الإناء للهرة فتشرب ، ثم يتوضأ به ، فقيل له في ذلك ، فقال : ما صنعت إلا ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع . وروى ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ من طريق محمد بن إسحاق ، عن صالح ، ( عن أبي مجاهد ) ، عن جابر ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للسنور ، فيلغ فيه ، ثم يتوضأ من فضله } ، ورواه الدارقطني من طريق أبي يوسف القاضي ، عن عبد ربه بن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر به الهرة فيصغي لها الإناء فتشرب ، ثم يتوضأ بفضلها }. وعبد ربه هو عبد الله ، متفق على ضعفه ، واختلف عليه فيه ، فقيل عنه هكذا ، وقيل عنه ، عن أبيه ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، ورواه الدارقطني من وجه آخر ، عن عروة ، عن عائشة ، وفيه الواقدي ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه آخر .

رواه أبو داود من طريق الدراوردي ، عن داود بن صالح بن دينار التمار ، عن أمه أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة قالت : فوجدتها [ ص: 70 ] تصلي ، فأشارت إلي أن ضعيها ، فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة ، وقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم }ورواه الدارقطني وقال : تفرد برفعه داود بن صالح ، وكذا قال الطبراني ، والبزاز ، وقال : لا يثبت . ورواه الدارقطني والعقيلي من حديث سليمان بن مسافع ، عن منصور بن صفية ، عن أمه ، عن عائشة ، ومن طريق أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن الشعبي ، عن عائشة ، وفيه انقطاع .

ورواه الدارقطني وابن ماجه من طريق أخرى ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : { كنت أتوضأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد قد أصابت منه الهرة قبل ذلك }. وفيها حارثة بن محمد ، وهو ضعيف . ورواه الخطيب من وجه آخر ، وفيه سلم بن المغيرة ، وهو ضعيف ، قال الدارقطني : تفرد به عن مصعب بن ماهان ، عن الثوري ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، والمحفوظ عن الثوري ، عن حارثة كما تقدم . ( فائدة ) قال ابن عبد البر : قال بعضهم : قوله : ليست بنجسة . من قول أبي قتادة ، قال : وهو غلط ،

وروى الطبراني في الصغير من طريق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أنس قال : { خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض بالمدينة يقال لها : بطحان ، فقال : يا أنس ، اسكب لي وضوءا فسكبت له ، فلما قضى حاجته أقبل إلى الإناء ، وقد أتى هر فولغ في الإناء ، فوقف له النبي صلى الله عليه وسلم حتى شرب ثم توضأ ، فذكرت ذلك له ، فقال : يا [ ص: 71 ] أنس ، إن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئا ولن ينجسه }قال تفرد به عمر بن حفص .

قوله : إن الشرع حكم بنجاسة الكلاب لما نهى عن مخالطتها مبالغة في المنع أما حكمه بنجاستها فتقدم . وأما النهي عن مخالطتها . فمتفق عليه من حديث ابن عمر بلفظ { من اقتنى كلبا ; إلا كلب الصيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان }وقد صح الأمر بقتلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية