صفحة جزء
41 - ( 3 ) - حديث : { لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب } الشافعي في سنن حرملة ، وأحمد والبخاري في تاريخه ، والأربعة [ ص: 77 ] والدارقطني والبيهقي وابن حبان ، عن عبد الله بن عكيم ( قال ) : { أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته : ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب }وفي رواية الشافعي وأحمد وأبي داود ، قبل موته بشهر ، ورواية لأحمد : بشهر أو شهرين ، قال الترمذي : حسن ، وكان أحمد يذهب إليه ويقول : هذا آخر الأمر ، ثم تركه لما اضطربوا في إسناده ، حيث روى بعضهم فقال : عن ابن عكيم ، عن أشياخ من جهينة ، وقال الخلال : لما رأى أبو عبد الله تزلزل الرواة فيه ، توقف فيه .

وقال ابن حبان : بعد أن أخرجها : هذه اللفظة أوهمت عالما من الناس ، أن هذا الخبر ليس بمتصل ، وليس كذلك ، بل عبد الله بن عكيم شهد كتاب رسول صلى الله عليه وسلم حيث قرئ عليهم في جهينة ، وسمع مشايخ جهينة يقولون ذلك ، وقال البيهقي والخطابي : هذا الخبر مرسل . وقال ابن أبي حاتم في العلل ، عن أبيه : ليست لعبد الله بن عكيم صحبة ، وإنما روايته كتابة ، وأغرب الماوردي فزعم أنه نقل عن علي بن المديني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ، ولعبد الله بن عكيم سنة ، وقال صاحب الإمام : تضعيف من ضعفه ليس من قبل الرجال ، فإنهم كلهم ثقات ، وإنما ينبغي أن يحمل الضعف على الاضطراب ، نقل عن أحمد .

ومن الاضطراب فيه ما رواه ابن عدي والطبراني من حديث شبيب بن سعيد ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عنه ، ولفظه : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة : { إني كنت رخصت لكم في إهاب الميتة وعصبها ، فلا تنتفعوا بإهاب ولا عصب }إسناده [ ص: 78 ] ثقات ، وتابعه فضالة بن المفضل عند الطبراني في الأوسط .

ورواه أبو داود من حديث خالد ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن : أنه انطلق هو وأناس معه إلى عبد الله بن عكيم فدخلوا ، وقعدت على الباب ، فخرجوا إلي ، وأخبروني : أن عبد الله بن عكيم أخبرهم ، فهذا يدل على أن عبد الرحمن ما سمعه من ابن عكيم ، لكن إن وجد التصريح بسماع عبد الرحمن منه ، حمل على أنه سمعه منه بعد ذلك .

وفي الباب عن ابن عمر ، رواه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ، وفيه عدي بن الفضل ، وهو ضعيف . وعن جابر ، رواه ابن وهب في مسنده ، عن زمعة بن صالح ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، وزمعة ضعيف ، ورواه أبو بكر الشافعي في فوائده من طريق أخرى ، قال الشيخ الموفق : إسناده حسن . وقد تكلم الحازمي في الناسخ والمنسوخ على الحديث فشفى ، ومحصل ما أجاب به الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال ، وهو أن عبد الله بن عكيم لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن عكيم ، والاضطراب في سنده ; فإنه تارة قال : عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم . وتارة : عن مشيخة من جهينة . وتارة : عن من قرأ الكتاب .

والاضطراب في المتن ، فرواه الأكثر من غير تقييد ، ومنهم من رواه بقيد شهر أو شهرين ، أو أربعين يوما أو ثلاثة أيام ، والترجيح بالمعارضة بأن الأحاديث الدالة على الدباغ أصح ، والقول بموجبه بأن الإهاب اسم الجلد قبل الدباغ ، وأما بعد الدباغ فيسمى شنا وقربة ، حمله على ذلك ابن عبد البر والبيهقي ، وهو منقول عن النضر بن شميل ، والجوهري وقد جزم به ، وقال ابن شاهين : لما احتمل الأمرين وجاء قوله : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " فحملناه على الأول جمعا بين الحديثين ، والجمع بينهما بالتخصيص بأن المنهي عنه جلد الكلب والخنزير ، فإنهما لا يدبغان ، وقيل : محمول على باطن الجلد في النهي ، وعلى ظاهره في الإباحة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية