صفحة جزء
760 - ( 30 ) - حديث أنس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم }. أحمد ، وأبو داود ، والترمذي وطوله ، والحاكم وصححه ، وقد أعله البخاري وقال : إنه غلط ، غلط فيه أسامة بن زيد ، فقال : عن الزهري ، عن أنس . حكاه الترمذي ، ورجح رواية الليث ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، عن جابر . ( تنبيه ) روى أبو داود في المراسيل والحاكم من حديث أنس أيضا قال : { مر النبي صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد مثل به ، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره }. وهذا هو الذي أنكره البخاري على أسامة بن زيد ، وكذا أعله الدارقطني . ( تنبيه )

ورد ما يعارض ما تقدم من نفي الصلاة على الشهداء في عدة أحاديث ، فمنها :

حديث جابر قال : { فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين جاء الناس من القتال ، فقال رجل : رأيته عند تلك الشجيرات ، فجاء نحوه ، فلما رآه ، ورأى ما مثل به شهق وبكى ، فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب ، ثم جيء بحمزة فصلى عليه }. الحديث . ورواه الحاكم ، وفي إسناده أبو حماد الحنفي [ ص: 237 ] وهو متروك ، وعن شداد بن الهاد ، رواه النسائي بلفظ : { أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه }. وفي الحديث : { أنه استشهد ، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فحفظ من دعائه له : اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل في سبيلك }. وحمل البيهقي هذا على أنه لم يمت في المعركة .

وعن عقبة بن عامر في البخاري وغيره { أنه صلى على قتلى أحد بعد ثماني سنين }. وحمل على الدعاء ; لأنها لو كان المراد بها صلاة الجنازة لما أخرها ، ويعكر على هذا التأويل قوله : صلاته على الميت ، وأجيب بأن التشبيه لا يستلزم التسوية من كل وجه ، فالمراد في الدعاء فقط ، وقال أبو نعيم الأصفهاني : يحتمل أن يكون هذا الحديث ناسخا لحديث جابر في قوله : ولم يصل عليهم ، فإن هذا الآخر من فعله ، انتهى .

وفي رواية ابن حبان : ثم دخل بيته فلم يخرج حتى قبضه الله ، وأطال الشافعي القول في الرد على من أثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم ، ونقله البيهقي في المعرفة ، وقال ابن حزم : هو باطل بلا شك - يعني الصلاة عليهم - وأجاب بعضهم : بأن ذلك من الخصائص ، بدليل أنه أخر الصلاة عليهم هذه المدة الطويلة ثم إن الذين أجازوا الصلاة على الشهيد من الحنفية وغيرهم لا يجيزون تأخيرها بعد ثلاثة أيام فلا حجة لهم .

وفي الباب أيضا حديث ابن عباس ، رواه ابن إسحاق قال : حدثني من لا أتهم ، عن مقسم مولى ابن عباس ، عن ابن عباس قال : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه ، وكبر سبع تكبيرات ، ثم أتي بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فيصلي عليهم ، وعليه معهم ، حتى صلى عليه ثنتين [ ص: 238 ] وسبعين صلاة }. قال السهيلي : إن كان الذي أبهمه ابن إسحاق ، هو الحسن بن عمارة فهو ضعيف ، وإلا فمجهول لا حجة فيه ، انتهى .

قلت : والحامل للسهيلي على ذلك ما وقع في مقدمة مسلم عن شعبة أن . الحسن بن عمارة ، حدثه عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد }. فسألت الحكم فقال : لم يصل عليهم ، انتهى . لكن حديث ابن عباس ، روي من طرق أخرى ، منها : ما أخرجه الحاكم ، وابن ماجه والطبراني ، والبيهقي من طريق يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس مثله وأتم منه ، ويزيد فيه ضعف يسير .

وفي الباب أيضا عن أبي مالك الغفاري ، أخرجه أبو داود في المراسيل من طريقه وهو تابعي اسمه غزوان ، ولفظه : { أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ، عشرة عشرة ، في كل عشرة حمزة ، حتى صلى عليه سبعين صلاة }. ورجاله ثقات ، وقد أعله الشافعي بأنه متدافع ; لأن الشهداء كانوا سبعين ، فإذا أتى بهم عشرة عشرة ، يكون قد صلى سبع صلوات ، فكيف يكون سبعين ، قال : وإن أراد التكبير فيكون ثمانيا وعشرين تكبيرة ، لا سبعين ، وأجيب أن المراد أنه صلى على سبعين نفسا وحمزة معهم كلهم ، فكأنه صلى عليه سبعين صلاة .

حديث : علي وعمار يأتي آخر الباب ، وكذلك أسماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية