صفحة جزء
806 - ( 76 ) - حديث : { إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه }متفق عليه من حديث ابن عمر بهذا ، ولهما من حديث عمر : { الميت يعذب في قبره بما نيح عليه }. وفي رواية عنه : { إن الميت يعذب ببكاء الحي } ولمسلم عن أنس أن عمر قال لحفصة : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المعول عليه يعذب في قبره }. زاد ابن حبان قالت : بلى .

( تنبيه ) :

قال الخطابي : الصواب في هذه اللفظة أن يقال : بضم الميم وسكون [ ص: 280 ] العين المهملة وكسر الواو ، من أعول يعول إذا رفع صوته بالبكاء ، وهو العويل ، ومن شدده أخطأ ، انتهى . وجوز بعضهم التشديد ، ورواه الشيخان من حديث المغيرة بلفظ : { من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة }. لفظ مسلم .

وروى البزار من طريق عائشة قالت : لما مات عبد الله بن أبي بكر ، خرج أبو بكر ، فقال : إني أعتذر إليكم من شأن أولاء ، إنهن حديث عهد بجاهلية ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الميت ينضح عليه الحميم ببكاء الحي عليه } ، انتهى . وفي إسناده محمد بن الحسن وهو المعروف بابن زبالة ، قال البزار : لين الحديث وكذبه غيره ، ولقد أتى في هذه الرواية بطامة ; لأن المشهور أن عائشة كانت تنكر هذا الإطلاق ، كما سيأتي .

وروى أحمد من طريق موسى بن أبي موسى الأشعري ، عن أبيه مرفوعا { الميت يعذب ببكاء الحي } ، إذا قالت الجماعة : واعضداه ، واناصراه ، واكاسباه جبذ الميت ، وقيل له : أنت كذلك ؟ " . ولابن ماجه نحوه ، ورواه الترمذي بلفظ : { ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول : واجبلاه واسنداه ونحوه إلا ويلزمه ملكان بلهازمه أهكذا أنت ؟ }.

ورواه الحاكم وصححه ، وشاهده في الصحيح عن النعمان بن بشير قال . أغمي على عبد الله بن رواحة ، [ ص: 281 ] فجعلت أخته تبكي وتقول : واجبلاه وكذا وكذا ، فلما أفاق قال : ما قلت شيئا إلا قيل لي أنت كذا ؟ فلما مات لم تبك عليه .

وروى ابن عبد البر من طريق ابن أملياء قال : ذكروا عند عمران بن حصين : الميت يعذب ببكاء الحي ، فقالوا : كيف يعذب ببكاء الحي ؟ فقال عمران : قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم .

( فائدة ) :

اختلف الناس في تأويل هذا الحديث ، كما سيأتي في حديث عائشة ، واختار الطبري في تهذيبه : أن المراد بالبكاء ما كان من النياحة المنهي عنها ، وأن المراد بالعذاب الذي يعذب به الميت ، ما يناله من الأذى بمعصية أهله لله ، واختار هذا جماعة من الأئمة من آخرهم الشيخ تقي الدين بن تيمية ، والله أعلم .

807 - ( 77 ) - حديث عائشة : { رحم الله عمر ، والله ما كذب ، ولكنه أخطأ أو نسي ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية وهم يبكون عليها ، فقال : إنهم يبكون عليهم ، وإنها تعذب في قبرها } ، انتهى . وهذا اللفظ الذي أورده إنما قالته عائشة في الرد على ابن عمر وأما الرد على عمر فقالت : يرحم الله عمر ، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يعذب المؤمنين ببكاء أحد ، ولكن قال : { إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه }. وقد أنكر النووي على الرافعي ما أورده ، وقال : إنه تبع فيه الغزالي ، وهو غلط ، وقد روى عبد المحسن البغدادي من طريق حبيب بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن عائشة ، بلغها أن ابن عمر يحدث عن أبيه : { إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه . فقالت : يرحم الله عمر وابن عمر ، والله ما هما بكاذبين . ولكنهما وهما } ، ولمسلم من طريق ابن أبي مليكة لما بلغها قول ابن عمر : إنكم لتحدثون عن غير [ ص: 282 ] كاذبين ولا مكذبين ، ولكن السمع يخطئ .

التالي السابق


الخدمات العلمية