صفحة جزء
: فصل فيما يستاك به ، وما لا يستاك به

قال ابن الصلاح : وجدت بخط أبي مسعود الدمشقي الحافظ ، عن أبي الحسن الدارقطني ، فذكر حديثا يعني من المؤتلف والمختلف بإسناده إلى أبي خيرة الصباحي ، أنه { كان في الوفد - وفد عبد القيس - الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر لنا بأراك ، وقال : استاكوا بهذا }. قال ابن ماكولا - يعني في الإكمال : ليس يروى لأبي خيرة هذا غيره ، ولا روى من قبيلة صباح عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره . قال ابن الصلاح : وهذا الحديث مستند قول صاحب الإيضاح والحاوي ، والتنبيه ، حيث استحبوه . قال : ولم أجد في كتب الحديث فيه سوى هذا الحديث .

قلت : قد استدل به صاحب الحاوي من حديث أبي خيرة بلفظ آخر ، وهو : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك بالأراك ، فإن تعذر عليه استاك [ ص: 120 ] بعراجين النخل ، فإن تعذر استاك بما وجد }. وهذا بهذا السياق لم أره .

وقد ذكره البخاري في تاريخه والطبراني في الكبير ، وأبو أحمد الحاكم في الكنى ، وأبو نعيم في المعرفة وغيرهم ، ففي لفظ عنه : { كنا أربعين رجلا ، فتزودنا الأراك نستاك به ، فقلنا : يا رسول الله عندنا الجريد ، ونحن نجتزئ به ، ولكن نقبل كرامتك وعطيتك ، ثم دعا لهم ، وفي لفظ : ثم أمر لنا بأراك ، فقال : استاكوا بهذا وفيها : فرفع يديه ودعا لهم }.

( تنبيه ) أبو خيرة بفتح الخاء المعجمة ، وسكون الياء المثناة من تحت ، والصباحي ; بضم الصاد المهملة ، بعدها باء موحدة خفيفة ، ووقع في حديث لابن مسعود ، وذكر الاستياك بالأراك ، وذلك في مسند أبي يعلى الموصلي من حديثه قال : { كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من أراك }. وأخرجه ابن حبان ، والطبراني أيضا ، وصححه الضياء في أحكامه ، ورواه أحمد موقوفا على ابن مسعود أنه كان يجتني سواكا من أراك الحديث . ولم يقل فيه : إنه كان يجتنيه للنبي صلى الله عليه وسلم .

وروى أبو نعيم في معرفة الصحابة ، في ترجمة أبي زيد الغافقي رفعه : { الأسوكة ثلاثة : أراك ، فإن لم يكن أراك فعنم أو بطم }قال راويه : العنم الزيتون .

وروى أبو نعيم أيضا في كتاب السواك ، والطبراني في الأوسط من حديث معاذ رفعه { نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة ، يطيب الفم ، ويذهب الجفر ، وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي }وفي إسناده أحمد بن محمد بن محصن ، [ ص: 121 ] تفرد به عن إبراهيم بن أبي عبلة . وحديث عائشة في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر ، وقع في البخاري : أنه كان جريدة رطبة ، ووقع في مستدرك الحاكم : أنه كان من أراك رطب ، فالله أعلم .

وأما ما لا يستاك به ، فقال الحارث في مسنده ، ثنا الحاكم بن موسى ، ثنا عيسى بن يونس ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان ، وقال : إنه يحرك عرق الجذام }وهذا مرسل ، وضعيف أيضا ، وقد تقدم الكلام على حديث الاستياك بالإصبع .

التالي السابق


الخدمات العلمية