صفحة جزء
[ ص: 133 ] قوله : روي عن طلحة بن مصرف ، عن أبيه ، عن جده ، قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة ، والاستنشاق } ، ويقال : إن عثمان وعليا روياه كذلك .

77 - ( 8 ) - وروي عن علي { في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد }. ونقل مثله عن وصف عبد الله بن زيد ، والرواية عنه ، وعن علي وعثمان في أبواب مختلفة .

78 - ( 9 ) - وروي عن علي في حديثه : { أنه أخذ غرفة فتمضمض منها ثلاثا ، وغرفة أخرى استنشق منها ثلاثا }.

79 - ( 10 ) - وروي عن عبد الله بن زيد في حديثه : { أنه أخذ غرفة فتمضمض منها ثم استنشق ، ثم أخذ غرفة أخرى فتمضمض منها ثم استنشق ، ثم أخذ غرفة ثالثة فتمضمض منها ثم استنشق }. أما حديث : طلحة بن مصرف ، عن أبيه ، عن جده ، فرواه أبو داود في حديث فيه : { ورأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق }. وفيه ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف . وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل ، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم . تركه يحيى بن القطان ، وابن مهدي ، وابن معين ، وأحمد بن حنبل ، وقال النووي في تهذيب الأسماء : اتفق العلماء على ضعفه . وللحديث علة أخرى ، ذكرها أبو داود عن أحمد ، قال : كان ابن عيينة ينكره ويقول : أيش هذا ، طلحة بن مصرف ، عن أبيه ، عن جده ، وكذلك حكى عثمان الدارمي ، عن علي بن المديني ، وزاد : وسألت عبد الرحمن بن مهدي ، عن اسم جده ؟ فقال : عمرو بن كعب - أو كعب بن عمرو - وكانت له صحبة . وقال الدوري عن ابن معين : المحدثون يقولون : إن جد طلحة رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته يقولون : ليست له صحبة . وقال الخلال عن أبي داود : سمعت [ ص: 134 ] رجلا من ولد طلحة يقول : إن لجده صحبة .

وقال ابن أبي حاتم : إن لجده صحبة ، وقال ابن أبي حاتم في العلل : سألت أبي عنه ، فلم يثبته ، وقال : طلحة هذا يقال : إنه رجل من الأنصار . ومنهم من يقول : طلحة بن مصرف . قال : ولو كان طلحة بن مصرف لم يختلف فيه . وقال ابن القطان : علة الخبر عندي الجهل بحال مصرف بن عمرو والد طلحة ، وصرح بأنه طلحة بن مصرف : ابن السكن ، وابن مردويه في كتاب أولاد المحدثين ، ويعقوب بن سفيان في تاريخه ، وابن أبي خيثمة أيضا ، وخلق . وأما رواية علي ، وعثمان للفصل فتبع فيه الرافعي الإمام في النهاية . وأنكره ابن الصلاح في كلامه على الوسيط ، فقال : لا يعرف ، ولا يثبت ، بل روى أبو داود ، عن علي ضده .

قلت : روى أبو علي بن السكن في صحاحه من طريق أبي وائل - شقيق بن سلمة - قال : { شهدت علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان . توضآ ثلاثا ثلاثا ، وأفردا المضمضة من الاستنشاق ، ثم قالا هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ }. فهذا صريح في الفصل ، فبطل إنكار ابن الصلاح ، وقد روي عن علي بن أبي طالب أيضا الجمع . ففي مسند أحمد عن علي أنه دعا بماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا ، وتمضمض وأدخل بعض أصابعه في فيه ، واستنشق ثلاثا . بل في ابن ماجه ما هو أصرح من هذا بلفظ توضأ فمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، من كف واحد .

وروى أبو داود من طريق ابن أبي مليكة ، عن عثمان : أنه رآه دعا بماء ، فأتى بميضأة فأصغاها على يده اليمنى ، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثا ، واستنثر ثلاثا " . الحديث . وفيه رفعه ، وهو ظاهر في الفصل . وأما حديث علي في صفة الوضوء ، فله عنه طرق : [ ص: 135 ] أحدها : عن أبي حية ، بالحاء المهملة والياء المثناة تحت المثقلة ، قال : رأيت عليا توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما ، ثم تمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، وذراعيه ثلاثا ، ومسح رأسه مرة ، ثم غسل قدميه إلى الكعبين . الحديث رواه الترمذي وهذا لفظه ، وأبو داود مختصرا ، والبزار ولفظه : ثم أدخل يده في الإناء ، فملأ فمه فمضمض ، ثم استنشق ، ونثر بيده اليسرى ثلاث مرات .

ثانيها : عن زر بن حبيش ، عنه ، رواه أبو داود من حديث المنهال بن عمرو عنه ، وأعله أبو زرعة بأنه إنما يروى عن المنهال ، عن أبي حية عن علي . ثالثها : عن عبد خير عن علي : أتى بإناء فيه ماء وطشت ، فأفرغ من الإناء على يمينه ، فغسل يديه ثلاثا ، ثم تمضمض ونثر من الكف الذي يأخذ فيه ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، وغسل يده اليمنى ثلاثا ، وغسل يده الشمال ثلاثا ، ثم مسح برأسه مرة ، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ، ورجله الشمال ثلاثا . رواه أبو داود والنسائي ، وفي رواية لابن ماجه : فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا ، من كف [ ص: 136 ] واحد .

ورواه ابن حبان إلا أنه لم يقل : من كف واحد ، والبزار في آخره : فغسل قدميه بيده اليسرى . رابعها : عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : رأيت عليا توضأ ، فغسل وجهه ثلاثا ، وغسل ذراعيه ثلاثا ، ومسح برأسه واحدة . ورفعه . رواه أبو داود بسند صحيح . خامسها : عن ابن عباس ، عنه ، رواه أبو داود مطولا ، والبزار ، وقال : لا نعلم أحدا روى هذا هكذا ; إلا من حديث عبيد الله الخولاني ، ولا نعلم أن أحدا رواه عنه إلا محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع فيه .

وأخرجه ابن حبان من طريقه مختصرا ، وضعف البخاري فيما حكاه الترمذي . سادسها : عن النزال بن سبرة ، عن علي ، رواه ابن حبان وفيه : فأخذ كفا فتمضمض ، واستنشق . وفي آخره : ثم قام فشرب فضلة وهو قائم . وأصله في البخاري مختصرا . وأما حديث عثمان في صفة الوضوء فمتفق عليه . وله ألفاظ وطرق [ ص: 137 ] عندهما . منها : ثم أدخل يمينه في الإناء ، فمضمض واستنشق ، وللبخاري : { ثم تمضمض ، واستنشق ، واستنثر ثلاثا }. وأما حديث عبد الله بن زيد بن عاصم فمتفق عليه .

وله طرق . منها : { فمضمض واستنشق من كف واحد ، فعل ذلك ثلاثا }. وفي لفظ للبخاري : { فمضمض ، واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات }. وفي رواية لهما { فمضمض ، واستنشق واستنثر ، من ثلاث غرفات } ، وفي رواية لابن حبان : { فتمضمض واستنشق ثلاث مرات من ثلاث حفنات }. وفي لفظ للبخاري : { فمضمض ، واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة }. فقد تبين الاختلاف عليه فيه كما قال المصنف .

وفي الباب عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ، وجمع بين المضمضة والاستنشاق }. رواه الدارمي وابن حبان والحاكم ، وهو في البخاري بلفظ : { فأخذ غرفة من ماء ، فتمضمض [ ص: 138 ] منها ، واستنشق }كما تقدم . وقوله : { فيمضمض منها ثلاثا ، ويستنشق من أخرى ثلاثا }; لأن عليا رواه كذلك . هو أحد احتمالي حديث أبي حية ، عن علي عند البيهقي وغيره . ولفظه : { ثم تمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا }. وكذا حديث طلحة بن مصرف عن " أبيه عن " جده ففيها : { فمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا }. وقوله : { يأخذ غرفة فيمضمض بها ثم يستنشق ، ثم يمضمض ، ثم يستنشق ، ثم يمضمض ، ثم يستنشق } ، روي ذلك عن عبد الله بن زيد . هو أحد احتمالي حديثه الذي أخرجه البخاري بلفظ : { فمضمض واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة }.

قوله : { يأخذ غرفة يتمضمض منها ثلاثا ، ويستنشق ثلاثا } ، روي ذلك في بعض الروايات . هو أحد احتمالي حديث ابن عباس في البخاري : { أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق }. وللحاكم : { توضأ مرة مرة ، وجمع بين المضمضة والاستنشاق }. وأقرب منه إلى الصراحة رواية أبي داود عن علي : { ثم تمضمض ، واستنشق ، يمضمض ويستنشق من الكف الذي أخذ فيه }. ولأبي داود الطيالسي : { ثم تمضمض ثلاثا مع الاستنشاق بماء واحد }.

التالي السابق


الخدمات العلمية