صفحة جزء
[ ص: 510 ] قوله : ويستحب الشرب من ماء زمزم - يعني للأثر فيه - وقع في آخر حديث جابر الطويل عند مسلم : { ثم شرب من ماء زمزم بعد فراغه }.

وروى أحمد وابن أبي شيبة ، وابن ماجه والبيهقي من حديث عبد الله بن المؤمل ، عن أبي الزبير ، عن جابر رفعه : { ماء زمزم لما شرب له }. قال البيهقي : تفرد به عبد الله وهو ضعيف ، ثم رواه البيهقي بعد ذلك من حديث إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، ولا يصح عن إبراهيم ، قلت : إنما سمعه إبراهيم من ابن المؤمل ، ورواه العقيلي من حديث ابن المؤمل ، وقال : لا يتابع عليه ، وأعله ابن القطان به وبعنعنة أبي الزبير ، لكن الثانية مردودة ، ففي رواية ابن ماجه التصريح بالسماع ، ورواه البيهقي في شعب الإيمان ، والخطيب في تاريخ بغداد من حديث سويد بن سعيد ، عن ابن المبارك ، عن أبي الموالي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر .

كذا أخرجه في ترجمة عبد الله بن المبارك ، قال البيهقي ، غريب تفرد به سويد ، قلت : وهو ضعيف جدا ، وإن كان مسلم قد أخرج له في المتابعات ، وأيضا فكان أخذ به عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه ، وكذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه كان قبل عماه ، ولما أن عمي صار يلقن فيتلقن ، حتى قال يحيى بن معين : لو كان لي فرس ورمح ، لغزوت سويدا ، من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير ، قلت : وقد خلط في هذا الإسناد ، وأخطأ فيه عن ابن المبارك ، وإنما رواه ابن المبارك ، عن ابن المؤمل ، عن أبي الزبير [ ص: 511 ] كذلك رويناه في فوائد أبي بكر بن المقري من طريق صحيحة ، فجعله سويد عن أبي الموالي عن ابن المنكدر ، واغتر الحافظ شرف الدين الدمياطي بظاهر هذا الإسناد ، فحكم بأنه على رسم الصحيح ; لأن ابن أبي الموالي انفرد به البخاري ، وسويدا انفرد به مسلم ، وغفل عن أن مسلما إنما أخرج لسويد ما توبع عليه ، ولا ما انفرد به ، فضلا عما خولف فيه ، وله طريق أخرى من حديث أبي الزبير ، عن جابر أخرجها الطبراني في الأوسط في ترجمة علي بن سعيد الرازي ، وله طريق أخرى من غير حديث جابر .

رواه الدارقطني والحاكم من طريق محمد بن حبيب الجارودي ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ماء زمزم لما شرب له ، فإن شربته تستشفي به شفاك الله }. الحديث - قلت : والجارودي صدوق إلا أن روايته شاذة ، فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة ، والحميدي ، وابن أبي عمر وغيرهما ، عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ومما يقوي رواية ابن عيينة ما أخرجه الدينوري في المجالسة من طريق الحميدي قال : كنا عند ابن عيينة فجاء رجل فقال : يا أبا محمد ، الحديث الذي حدثتنا عن ماء زمزم صحيح ؟ قال : نعم ، قال : فإني شربته الآن لتحدثني مائة حديث ، فقال : اجلس ، فحدثه مائة حديث .

وروى أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث أبي ذر رفعه قال : { زمزم مباركة إنما طعام طعم وشفاء سقم }.

وأصله في صحيح مسلم دون قوله : { وشفاء سقم } ، وفي الدارقطني والحاكم من طريق ابن أبي مليكة ، { جاء رجل إلى ابن عباس فقال : من أين جئت ؟ قال : شربت من ماء زمزم ، فقال ابن عباس : أشربت منها كما ينبغي ؟ قال : وكيف ذاك يا ابن عباس ؟ قال : إذا شربت منها فاستقبل القبلة [ ص: 512 ] واذكر اسم الله ، وتنفس ثلاثا ، وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : آية بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم }.

قوله : استحب الشافعي للحاج إذا طاف أن يقف عند الملتزم بين الركن ، والمقام ، ويقول فذكر الدعاء ولم يسنده ، وقد ورد في الوقوف عند الملتزم ما رواه أبو داود من طريق المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه شعيب قال : { طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت : ألا نتعوذ ؟ قال : تعوذ بالله من النار ، ثم مضى حتى استلم الحجر ، وأقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله } ، ورواه الدارقطني بلفظ : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم } ، وقال فيه عن أبيه عن جده ، ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب قال : طاف جدي محمد بن عبد الله بن عمرو مع أبيه عبد الله بن عمرو .

وفي شعب الإيمان للبيهقي من طريق أبي الزبير ، عن عبد الله بن عباس مرفوعا : { ما بين الركن والباب ملتزم }. ورواه عبد الرزاق مقلوبا بإسناد أصح منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية