صفحة جزء
[ ص: 1509 ] فضائل أمهات المؤمنين

2742 - أنا محمد بن عثمان البصري قال : أنا أحمد بن محمد بن الجراح قال : نا يحيى بن محمد بن أعين المروزي قال : نا النضر بن شميل قال : نا هشام بن عروة قال : حدثني أبي قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : سمعت عليا يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة " .

2743 - أنا محمد بن عبد الله بن جعفر البزار قال : نا محمد بن عبد الله بن غيلان الخراز قال : نا الحسن بن الجنيد قال : نا وكيع بن الجراح قال : نا إسماعيل ، وهو ابن أبي خالد قال : سمعت ابن أبي أوفى يقول : " بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب " أخرجه البخاري .

2744 - أنا عيسى بن علي قال : قرئ على أبي بكر محمد بن إبراهيم بن فيروز وأنا أسمع ، قيل له : حدثكم الحسين بن مهدي الأيلي قال : نا عبد الرزاق قال : أنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون [ ص: 1510 ] ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد بن عبد الله عليه السلام " .

2745 - أنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد النيسابوري قال : أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي قال : نا محمد بن يحيى قال : نا يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن العلاء بن المسيب ، عن إبراهيم بن قعيس ، عن نافع ، عن ابن عمر : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج في سفر كان آخر عهده بفاطمة ، وإذا رجع كان أول عهده بفاطمة " .

2746 - أنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال : نا عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثني أبو بكر بن خلاد قال : نا يحيى بن سعيد قال : نا شعبة قال : حدثني عمرو بن مرة ، \ح\

2747 - وأنا محمد قال : نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد قال : أنا أحمد بن سعيد قال : نا النضر بن شميل قال : نا شعبة قال : \ح\

2748 - ونا إبراهيم بن مرزوق قال : نا وهب بن جرير قال : نا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة ، عن أبي موسى ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : [ ص: 1511 ] " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " أخرجه البخاري ومسلم .

2749 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا عبيد الله بن عمر قال : نا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني رأيتك قبل أن أتزوجك مرتين : رأيت الملك يحملك في خرقة حرير ، فقلت له : اكشف ، فكشف ، فإذا هي أنت ، فقلت : إن يك هذا من عند الله يمضه " .

2750 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا سريج بن يونس قال : نا يوسف الماجشون ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك : " أن عائشة قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أزواجك في الجنة ؟ قال : " إنك منهن . فخيل إلي أن ذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج بكرا غيري " .

[ ص: 1512 ] 2751 - أنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد النيسابوري قال : نا أبو حامد مكي بن عبدان قال : نا محمد بن يحيى قال : نا أبو نعيم قال : نا زكرياء قال : سمعت عامرا الشعبي يقول : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن جبريل عليه السلام يقرئك السلام . قالت : وعليه السلام ورحمة الله " .

2752 - وأنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : نا أبو كريب قال : نا أبو أسامة ، عن مجالد ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي ، فقال : " ما يبكيك ؟ " فقالت : سبتني فاطمة . فقال : " يا فاطمة سببت عائشة ؟ " قالت : نعم يا رسول الله . قال : ألست تحبين من أحب ، وتبغضين من أبغض ؟ قالت : بلى . قال : " فإني أحب عائشة ، فأحبيها " . قالت : فإني لا أقول لعائشة شيئا يؤذيها أبدا .

2753 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي ، [ ص: 1513 ] قال : نا داود بن عمرو ، نا نافع ، عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : " توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يومي ، وفي بيتي ، وبين سحري ونحري ، وجمع الله بين ريقي وريقه " أخرجه البخاري ومسلم .

2754 - أنا محمد بن عبد الرحمن ، نا يحيى بن صاعد ، نا محمد بن ميمون الخياط ، نا سفيان بن عيينة ، عن معمر ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن أبي مليكة قال : " جاء ابن عباس يستأذن على عائشة ، فأدخلته ، فقال : ما بينك وبين أن تلقي الأحبة إلا أن تفارق الروح الجسد ، إنك كنت من أحب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه ، وكان لا يحب إلا طيبا ، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء ، فجعل الله في ذلك خيرا ، فنزلت آية التيمم ، ونزلت فيك آيات من آيات الله ، فليس بمسجد من مساجد المسلمين إلا يتلى فيه عذرك آناء الليل وآناء النهار . فقالت : دعني من تزكيتك يا ابن عباس ، فلوددت أني كنت نسيا منسيا " .

2755 - أنا عبيد الله بن محمد بن أحمد بن عثمان بن أحمد ، نا الحسن بن سلام السواف ، نا معاوية بن عمرو ، نا زائدة ، عن إسماعيل ، عن قيس : " سأل عمرو بن العاص النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي الناس أحب إليك ؟ قال : [ ص: 1514 ] " عائشة " . قال : لست أسألك عن النساء ، عن الرجال . قال : " أبوها " .

2756 - أنا محمد بن أبي بكر ، نا محمد بن مخلد ، نا أحمد بن منصور ، حدثني هارون بن معروف ، نا ابن وهب قال : وقال حيوة : أخبرني أبو صخر ، عن ابن قسيط ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، أنها قالت : " لما رأيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - طيب نفس ، قلت : يا رسول الله ادع الله عز وجل لي ، فقال : " اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر ، وما أسرت وما أعلنت " .

فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك قال : فقال : لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيسرك دعائي " ؟ قالت : وما بي لا يسرني دعاؤك . قال : " والله إنها لدعوتي لأمتي في كل صلاة
" أخرجه مسلم .

2757 - أنا محمد بن الحسين الفارسي قال : نا أحمد بن سعيد الثقفي قال : نا محمد بن يحيى الذهلي قال : نا عبد الرزاق قال : نا معمر ، عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعلقمة بن وقاص الليثي ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله ، وكلهم قد حدثني بطائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا ، ووعيت عن كل واحد منهم [ ص: 1515 ] الحديث الذي حدثني ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، ذكروا : " أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرا اقترع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه .

قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذلك بعدما أنزل الحجاب ، وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فسرنا حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوه وقفل ودنونا من المدينة أذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين أذنوا بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل ، فلمست صدري ، فإذا عقدي من جزع أظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي ، فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونني فيه ، فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ، ولم يغشهن اللحم ؛ لما يأكلون العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ، فرفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، ووجدت العقد بعدما استمر الجيش ، فجئت منازلهم وليس لها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني ، وكان صفوان بن معطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش ، فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني ، فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، ووالله ما كلمني كلمة ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته ، فوطئ على يدها ، فركبت ، فانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن [ ص: 1516 ] أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمتها شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيسلم ويقول : " كيف تيكم ؟ فذلك يحزنني ، حتى خرجت بعدما نقهت ، وخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ، وهو متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه ، كنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عن بيوتنا ، فانطلقت أنا وأم مسطح ، وهي ابنة أبي رهم بن عبد المطلب بن عبد مناف ، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب ، فأقبلت أنا وابنة أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا قد شهد بدرا ؟ قالت : أي هناه أولم تسمعي ما قال ؟ قلت : وما قال ؟ قالت : فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا إلى مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي ، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : " كيف تيكم ؟ " قلت : تأذن لي أن آتي أبوي ؟ قال : " نعم " . قالت : وأنا أريد حينئذ أن أتيقن هذا الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمه ما يتحدث الناس ؟ قالت : أي بنية ، هوني عليك ، فوالله لقل ما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها . قالت : قلت : سبحان الله ، وقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله . قالت : فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يعلمه من براءة أهله ، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود ، فقال : يا [ ص: 1517 ] رسول الله ، هم أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب ، فقال : لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وإن تسأل الجارية تصدقك . قالت : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة ، فقال : أي بريرة هل رأيت شيئا يريبك من عائشة ؟ قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق وإن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله . قال : فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول .

قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر : " يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " .

فقام سعد بن معاذ الأنصاري ، فقال : أعذرك منه يا رسول الله ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك .

قالت : فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، وكان رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت والله لا تقتله ، ولا تقدر على قتله . فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت ، لعمر الله لنقتلنه ، فأنت منافق تجادل عن المنافقين . فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا وسكت . قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي ، فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي ، استأذنت علي امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي .

قالت : فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول [ ص: 1518 ] الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جلس . قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل ، ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني . قالت : فتشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جلس ، ثم قال : " أما بعد ، يا عائشة ، فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه " . قالت : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته ، قلص دمعي ، حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال . قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقلت ، وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن : إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقرت أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة ، والله يعلم أني بريئة ، لا تصدقوني بذلك ، وإن اعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني بريئة ، لتصدقني ، والله لا أجد لكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف :
فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون .

ثم قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي . قالت : وأنا والله حينئذ أعلن أني بريئة ، وإن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي أن يتكلم الله في بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه ، ولا خرج من أهل البيت أحد ، حتى أنزل الله على نبيه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه . قالت : فلما سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو [ ص: 1519 ] يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : أبشري يا عائشة ، أما الله فقد برأك . فقالت لي أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إلا لله ، ولا أحمد إلا الله ، هو الذي أنزل براءتي ، فأنزل الله : " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم " عشر آيات ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات براءتي .

قالت : فقال أبو بكر ، وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال . قالت : فأنزل الله : " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة " إلى قوله : " ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " قال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي .

فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها عنه أبدا . قالت عائشة : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسائل زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرا عن أمري ما علمت أو رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا . قالت عائشة : وهي التي كانت تساببني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها خمنة بنت جحش تحامي لها ، فهلكت فيمن هلك
.

قال الزهري : فهذا ما انتهى إلينا من هؤلاء الرهط .

أخرجه البخاري ومسلم .

2758 - أنا علي بن محمد بن عمر قال : أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : نا أحمد بن يحيى السوسي قال : نا أبو بدر شجاع [ ص: 1520 ] بن الوليد ، نا حفص الحلبي ، مولى السكون عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أمه ، عن عائشة ، قالت : " أعطيت تسعا لم يعطه شيئا من النساء بعد مريم بنت عمران : نزل جبريل بصورتي في كفه ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتزويجي ، وتزوجني بكرا ، ولم يزوج بكرا غيري ، وقبض ورأسه في نحري ، وقبره في بيتي ، وحفت الملائكة بيتي ، وكان ينزل الوحي فيفرق عنه أهله ، وينزل وأنا معه في لحافه ، وأنا ابنة خليفته وصديقه ، ونزل عذري من السماء في القرآن ، وجعلت طيبة لطيب ، ووعدت مغفرة ورزقا كريما " .

2759 - أنا علي بن أحمد بن يعقوب ، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، نا عمرو بن عبيد الله الأودي ، نا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : " ما رأيت امرأة قط أعلم بطب ولا بفقه ولا بشعر من [ ص: 1521 ] عائشة .

2760 - أنا علي بن عمر ، أنا أحمد بن عثمان الآدمي ، نا موسى بن سهل الوشاء ، أنا شبابة ، عن ورقاء بن عمر ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق قال : " جاء عمار بن ياسر إلى عائشة يوم الجمل ، فقال : السلام عليك يا أمه . فقالت : ما أنا لك بأم . قال : بلى والله وإن كرهت ، وإنك لزوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة .

2761 - وأنا علي ، ثنا محمد بن جعفر قال : نا أبو إسماعيل الترمذي ، نا أبو صالح عبد الله بن صالح ، نا الليث بن سعد ، أن علي بن أبي طالب ذكر عائشة ، فقال : " لو كانت امرأة تكون خليفة لكانت عائشة خليفة .

2762 - وأنا محمد بن الحسن الهاشمي ، ثنا الحسين بن إسماعيل ، نا أحمد بن منصور ، نا الحسن بن بشر ، ثنا المعافى بن عمران ، عن مغيرة ، عن عطاء قال : " كانت عائشة أعلم الناس ، وأفقه الناس ، وأحسن الناس رأيا في العامة .

2763 - أنا علي بن أحمد بن عبدان ، نا أحمد بن عبيد ، نا إسماعيل بن الفضل ، نا منجاب ، نا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن القاسم بن محمد قال : [ ص: 1522 ] سمعت ابن الزبير قال : " ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسخى ، كانت تجمع الشيء إلى الشيء ، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئا لغد .

2764 - وأنا علي بن أحمد ، نا أحمد بن عبيد ، نا أحمد بن عبيد الله النرسي ، نا قبيصة ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة قال : " لقد رأيت عائشة تقسم سبعين ألفا ، وهي ترقع درعها " .

2765 - وأنا علي ، نا أحمد ، ثنا الحسن بن علي بن المتوكل ، نا محمد بن علي ، نا حبان بن موسى ، نا عبد الله ، عن معمر ، عن الزهري ، عن القاسم بن محمد قال : قال معاوية : " ما رأيت أحدا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبلغ من عائشة .

2766 - أنا عبد الرحمن بن عمر ، أنا محمد بن جعفر ، نا عباس بن محمد ، نا هارون ، يعني ابن معروف ، نا سفيان بن عيينة قال : " سأل معاوية زيادا : أي الناس أبلغ ؟ قال : أنت يا أمير المؤمنين . قال : أعزم عليك . قال : أما إذا عزمت علي فعائشة . فقال معاوية : أما إنها ما فتحت بابا قط تريد أن تغلقه إلا أغلقته ، ولا أغلقت بابا تريد أن تفتحه إلا فتحته .

2767 - أنا علي بن عمر ، أنا أحمد بن سلمان ، نا الحسن بن مكرم ، نا علي بن عاصم ، نا خالد الحذاء ، عن محمد بن سيرين ، عن الأحنف بن قيس قال : " سمعت خطبة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، والخلفاء بعد ، فما سمعت الكلام من في مخلوق أفخم ولا أحسن من في عائشة أم [ ص: 1523 ] المؤمنين رضي الله عنها .

2768 - أنا عمر بن عبد الله بن زاذان ، أنا إسحاق بن محمد القزويني ، نا علي بن حرب ، نا ابن فضيل ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : " أنها ذكرت عند رجل فسبها ، فقيل : أتسب أمك ؟ قال : ما هي أمي . فبلغها ، فقالت : صدق ، أنا أم المؤمنين ، وأما الكافرون فلست لهم بأم .

2767 - وأنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا يعقوب بن إبراهيم ، نا علي بن مسلم قال : نا أم عمر بنت حسان بن زيد ، قالت : حدثني صاحبي سعيد بن يحيى بن عيسى ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : لا ينتقصني أحد في الدنيا إلا تبرأت منه في الآخرة .

2770 - أنا أحمد بن محمد بن حفص ، أنا محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن علي الكاتب قال : نا يحيى بن عاصم قال : نا نهار البخاري ، عن أبي عامر الهمداني قال : سمعت الشعبي يقول : ما زنت امرأة نبي قط .

التالي السابق


الخدمات العلمية