معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
( توكل ) أي ومن أنواع العبادة التوكل على الله عز وجل ، وهو اعتماد القلب [ ص: 446 ] عليه وثقته به ، وإنه كافيه . قال الله عز وجل : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) ( المائدة : 23 ) فجعله تعالى شرطا في الإيمان كما وصف المؤمنين أنهم أهله إذ قال تعالى : ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وقال موسى لقومه : ( إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ) ( يونس : 84 ) الآيات .

وقال تعالى عن رسله إذ قالوا لقومهم : ( وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون ) ( إبراهيم : 11 - 12 ) وقال تعالى عن نبيه هود عليه السلام : ( إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) ( هود : 56 ) الآية . وكذلك عن نبيه نوح عليه السلام إذ قال لقومه : ( ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ) ( يونس : 71 ) الآية . وقال تعالى عن شعيب : ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) ( هود : 88 ) وقال تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( فتوكل على الله إنك على الحق المبين ) ( النمل : 79 ) وقال تعالى : ( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه ) ( هود : 123 ) وقال تعالى : ( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) ( المزمل : 9 ) .

وقال تعالى : ( فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) ( التوبة : 129 ) وقال تعالى في مدح عباده المؤمنين : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) ( آل عمران : 173 ) وقال تعالى فيهم : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ) ( الأنفال : 2 ) وقال تبارك وتعالى : ( فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) ( الشورى : 36 ) وقال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) ( الطلاق : 3 ) أي كافيه وقال تعالى : ( أليس الله بكاف عبده ) ( الزمر : 36 ) الجواب بلى . والآيات في هذا الباب كثيرة . [ ص: 447 ] وقال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) ( آل عمران : 173 ) : قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين : ( قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) ( آل عمران : 173 ) .

وفي الصحيح عنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بلا حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون " وفي السنن : " الطيرة شرك ، الطيرة شرك " قال ابن مسعود : وما منا إلا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل . وفي جامع الترمذي وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " . وفي حديث الإيمان بالقدر : " واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك " .

وفي مسند أحمد وسنن ابن ماجه والدارمي عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني لأعلم آية في كتاب الله عز وجل لو أخذ الناس بها لكفتهم : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ( الطلاق : 2 ) " . [ ص: 448 ] ولابن ماجه عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن قلب ابن آدم لكل واد شعبة ، فمن أتبع قلبه الشعب كلها ، لم يبال الله بأي واد هلك ، ومن توكل على الله كفاه الشعب " وغير ذلك من الآيات والأحاديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية