معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
الحديث به عنه وعن أبي ذر

وأما حديثه مع أبي ذر رضي الله عنهما فقال النسائي في كتاب الإيمان من مجتبى سننه : صفة الإيمان والإسلام . أخبرنا محمد بن قدامة عن جرير عن أبي فروة عن أبي زرعة عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل ، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه ، وإنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم في طرف البساط فقال : السلام عليك يا محمد . فرد عليه السلام قال : أدنو يا محمد ؟ قال : ادنه فما زال يقول أدنو مرارا ويقول له ادن حتى وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : يا محمد ، أخبرني ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان . [ ص: 585 ] قال : إذا فعلت ذلك فقد أسلمت ؟ قال : نعم . قال : صدقت . فلما سمعنا قول الرجل " صدقت " أنكرنا . قال : يا محمد ، أخبرني ما الإيمان ؟ قال : الإيمان بالله وملائكته والكتاب والنبيين وتؤمن بالقدر . قال : فإذا فعلت ذلك فقد آمنت ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم . قال : صدقت . قال : يا محمد ، أخبرني ما الإحسان ؟ فقال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . قال : صدقت . قال : يا محمد ، أخبرني متى الساعة ؟ قال : فنكس فلم يجبه شيئا ، ثم أعاد فلم يجبه شيئا ثم أعاد فلم يجبه شيئا ، ورفع رأسه فقال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن لها علامات تعرف بها ، إذا رأيت الرعاء البهم يتطاولون في البنيان ، ورأيت الحفاة العراة ملوك الأرض ، ورأيت الأمة تلد ربها في خمس لا يعلمها إلا الله : ( إن الله عنده علم الساعة ) إلى قوله : ( إن الله عليم خبير ) ثم قال : لا والذي بعث محمدا بالحق هاديا وبشيرا ما كنت بأعلم به من رجل منكم ، وإنه لجبريل نزل في صورة دحية الكلبي رضي الله عنه .

وقال أبو داود في باب القدر من كتاب السنة من سننه : حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن فروة عن أبي زرعة بن عمر بن جرير عن أبي ذر وأبي هريرة قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . . الحديث . وفيه : فبنينا له دكانا من طين فجلس عليه وكنا نجلس بجنبتيه . وذكر نحو هذا الخبر فأقبل رجل فذكر هيئته حتى سلم من طرف السماط فقال : السلام عليك يا محمد . قال : فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم .

فحاصل طرق حديث أبي هريرة وحده ومع أبي ذر رضي الله عنهما أبو زرعة عن أبي هريرة وعنه أبو حيان وأبو فروة وعمارة بن القعقاع ، وعن أبي حيان إسماعيل بن إبراهيم بن علية وجرير ومحمد بن بشر ، وعن إسماعيل مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأحمد بن حنبل ، وعن جرير إسحاق وزهير بن حرب ومحمد بن قدامة وعثمان بن أبي شيبة وعن محمد بن بشر محمد بن [ ص: 586 ] نمير ، وعن كل من عمارة وأبي فروة جرير . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية