معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
ومنهم حملة العرش والكروبيون ، وهم الذين قال الله تعالى فيهم : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ) ( غافر : 7 ) الآيات . وقال تعالى : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) ( الحاقة : 17 ) ومفهوم هذه الآية من قوله تعالى : ( يومئذ ) أن حملة العرش ليسوا اليوم ثمانية ، ويؤيد ذلك ما روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق أمية بن الصلت في شيء من شعره . فقال :


رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق فقال :


والشمس تطلع كل آخر ليلة     حمراء يصبح لونها يتورد
تأبى فما تطلع لنا في رسلها     إلا معذبة وإلا تجلد



فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق
" . وهذا إسناده جيد ، لكن قد ورد ما يدل على أنهم في الدنيا أيضا ثمانية ، وهو حديث العنان الذي رواه أبو داود وغيره وقد [ ص: 668 ] تقدم في العلو وفيه : " ثم فوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم على ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك " . وله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " . وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والشعبي وعكرمة والضحاك وابن جريج : ثمانية صفوف من الملائكة . وقال الضحاك عن ابن عباس : الكروبيون ثمانية أجزاء ، كل جزء منهم بعدة الإنس والجن والشياطين والملائكة .

وفي حديث الصور الطويل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأرجع فأقف مع الناس فبينما نحن وقوف إذ سمعنا من السماء حسا شديدا فهالنا ، فينزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم : أفيكم ربنا ؟ قالوا : لا ، وهو آت . ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة وبمثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم : أفيكم ربنا ؟ فيقولون : لا ، وهو آت . ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ، فيحمل عرشه يومئذ ثمانية ، وهم اليوم أربعة ، أقدامهم في تخوم الأرض السفلى ، والأرض والسماوات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم ، لهم زجل في تسبيحهم يقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان الحي الذي لا يموت ، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت . سبوح قدوس قدوس قدوس . سبحان ربنا الأعلى رب الملائكة والروح . [ ص: 669 ] سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت " الحديث رواه ابن جرير والطبراني وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية