معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
مناقب الستة بقية العشرة المبشرين بالجنة ، رضي الله عنهم .


فالستة المكملون العشره وسائر الصحب الكرام البرره

.

( ف ) يليهم في الفضل ( الستة المكملون ) عدد ( العشرة ) المشهود لهم بالجنة كما في السنن عن عبد الرحمن بن الأخنس أنه كان في المسجد ، فذكر رجل عليا - عليه السلام - فقام سعيد بن زيد ، فقال : أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني سمعته ، وهو يقول : عشرة في الجنة ، النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة ، وأبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير بن العوام في الجنة ، وسعد بن مالك في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف [ ص: 1191 ] في الجنة ، ولو شئت لسميت العاشر . قال : فقالوا : من هو ؟ فسكت ، قال : فقالوا : من هو ؟ فقال : هو سعيد بن زيد ، رضي الله عنهم .

وكان أبو بكر - رضي الله عنه - إذا ذكر يوم أحد قال : ذاك يوم كله لطلحة . وفي الصحيح عن أبي عثمان قال : لم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض تلك الأيام التي قاتل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير طلحة وسعد .

وفيه عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شلت . وفيه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب : من يأتينا بخبر القوم ؟ فقال الزبير : أنا ، ثم قال : من يأتينا بخبر القوم ؟ فقال الزبير : أنا ، ثم قال : من يأتينا بخبر القوم ؟ فقال الزبير : أنا ، ثم قال : إن لكل نبي حواريا ، وحواري الزبير .

وفيه عن مروان بن الحكم قال : أصاب عثمان - رضي الله عنه - رعاف شديد سنة الرعاف ، حتى حبسه عن الحج وأوصى ، فدخل عليه رجل من قريش قال : [ ص: 1192 ] استخلف . قال : وقالوه ؟ قال : نعم . قال : ومن ؟ فسكت ، فدخل عليه رجل آخر - أحسبه الحارث - فقال : استخلف . فقال عثمان : وقالوا ؟ فقال : نعم . قال : ومن هو ؟ فسكت ، فلعلهم قالوا الزبير ، قال : نعم ، أما والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت ، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

وفي رواية قال : أما والله ، إنكم لتعلمون أنه خيركم ( ثلاثا ) .

وفيه عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال : كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء ، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا ، فلما رجعت قلت : يا أبت رأيتك تختلف . قال : وهل رأيتني يا بني ؟ قلت : نعم . قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم ، فانطلقت ، فلما رجعت جمع لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أبويه ، فقال : فداك أبي وأمي .

وعن هشام بن عروة ، عن أبيه أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا للزبير يوم وقعة اليرموك : ألا شد فنشد معك ، فحمل عليهم ، فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر ، قال عروة : فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ، ألعب وأنا صغير .

قلت : وقد اخترق صفوف الروم يومئذ أربع مرات ، مرتين دخولا فيهم ومرتين رجوعا ، وكانت الضربتان في رجعته من المرة الأخرى ، كما هو مبسوط في موضعه من السير .

وفي مسلم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على حراء هو [ ص: 1193 ] وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ، فتحركت الصخرة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : اهدأ ، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد . زاد في رواية : وسعد بن أبي وقاص .

وفيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : أرق رسول الله ذات ليلة ، فقال : ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة . قالت : وسمعنا صوت السلاح ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ قال : سعد بن أبي وقاص يا رسول الله ، جئت أحرسك . قالت عائشة : فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعت غطيطه .

وفيهما عن عبد الله بن شداد قال : سمعت عليا يقول : ما جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبويه لأحد غير سعد بن مالك ، فإنه جعل يقول له يوم أحد ارم فداك أبي وأمي .

وعن عامر بن سعد ، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع له أبويه يوم أحد ، قال : كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين ، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم : ارم فداك أبي وأمي . قال : فنزعت له بسهم ليس فيه نصل ، فأصبت جنبه ، فسقط فانكشفت عورته ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرت إلى نواجذه .

وفيه عن مصعب بن سعد ، عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن ، قال : حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه ، ولا تأكل ولا تشرب ، قالت : زعمت أن الله وصاك بوالديك ، وأنا أمك ، وأنا آمرك بهذا ، قال : مكث ثلاثا حتى غشي [ ص: 1194 ] عليها من الجهد ، فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها ، فجعلت تدعو على سعد ، فأنزل الله - عز وجل - في القرآن هذه الآيات ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك على أن تشرك بي ( لقمان 15 ) وفيها وصاحبهما في الدنيا معروفا ( لقمان 15 ) قال : وأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنيمة عظيمة ، فإذا فيها سيف فأخذته ، فأتيت به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقلت : نفلني هذا السيف فأنا من علمت حاله . فقال : رده من حيث أخذته . فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي ، فرجعت إليه فقلت : أعطنيه . قال : فشد لي صوته " رده من حيث أخذته " قال : فأنزل الله - عز وجل يسألونك عن الأنفال ( الأنفال 1 ) قال : ومرضت فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاني ، فقلت : دعني أقسم مالي حيث شئت . قال : فأبى . قلت : فالنصف . قال : فأبى . قلت : فالثلث . قال : فسكت ، فكان بعد الثلث جائزا . قال : وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين ، فقالوا : تعال نطعمك ونسقك خمرا ، وذلك قبل أن تحرم الخمر ، قال : فأتيتهم في حش - والحش البستان - فإذا رأس جزور مشوي عندهم ، وزق من خمر ، قال : فأكلت وشربت معهم ، قال : فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم ، فقلت : المهاجرون خير من الأنصار . قال : فأخذ رجل أحد لحيي الرأس فضربني به ، فجرح بأنفي ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فأنزل الله - عز وجل - في - يعني : نفسه - بشأن الخمر إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ( المائدة 90 ) .

وعنه - رضي الله عنه - قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر ، فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم : اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا . قال : وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما ، فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع ، فتحدث في نفسه ، فأنزل الله - عز وجل - ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ( الأنعام 52 ) .

[ ص: 1195 ] وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إن لكل أمة أمينا ، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح .

وعنه - رضي الله عنه - أن أهل اليمن قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام . قال : فأخذ بيد أبي عبيدة ، قال : هذا أمين هذه الأمة .

وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال : جاء أهل نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، ابعث إلينا رجلا أمينا . فقال : لأبعثن إليكم رجلا أمينا ، حق أمين . قال : فاستشرف لها الناس ، قال : فبعث أبا عبيدة بن الجراح .

وروى ابن إسحاق في قصة خالد مع بني جذيمة ، فقال له عبد الرحمن : عملت بأمر الجاهلية في الإسلام ؟ فقال : إنما ثأرت بأبيك . فقال عبد الرحمن : كذبت قد قتلت قاتل أبي ، ولكنك ثأرت بعمك الفاكه بن المغيرة ، حتى كان بينهما شر ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : مهلا يا خالد ، دع عنك أصحابي ، فوالله لو كان لك أحد ذهبا ، ثم أنفقته في سبيل الله ، ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحة .

( وسائر الصحب ) بقيتهم ( الكرام البرره ) الذين هم خير القرون من هذه الأمة ، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ونصرة دينه .

[ ص: 1196 ] ثم هم على مراتبهم : أفضلهم السابقون الأولون من المهاجرين ، ثم من الأنصار ، ثم أهل بدر ، ثم أهل أحد ، ثم أهل الثبات في غزوة الأحزاب التي نجم فيها النفاق ، ثم بيعة الرضوان ، ثم من هاجر من قبل الفتح وقاتل أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وكلا وعد الله الحسنى .

أمهات المؤمنين ، وبقية أهل بيته ، صلى الله عليه وسلم .


وأهل بيت المصطفى الأطهار     وتابعيه السادة الأخيار
فكلهم في محكم القرآن     أثنى عليهم خالق الأكوان
في الفتح والحديد والقتال     وغيرها بأكمل الخصال
كذاك في التوراة والإنجيل     صفاتهم معلومة التفصيل
وذكرهم في سنة المختار     قد سار سير الشمس في الأقطار

.

( وأهل بيت ) الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - ( المصطفى ) تقدم معناه ، ( المختار ) اسم مفعول من الاختيار بمعنى التفضيل ، وهن زوجاته اللاتي هن أمهات المؤمنين ، كما قال الله تعالى فيهن : وأزواجه أمهاتهم ( الأحزاب 6 ) وخيرهن الله تعالى بين إردة زينة الحياة الدنيا ، وبين إرادة الله ورسوله ، فاخترن الله تعالى ورسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وقال الله تعالى فيهن : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ( الأحزاب 33 ) وهن زوجاته في الدنيا والآخرة .

فمنهن خديجة أم المؤمنين الصديقة الأولى التي هي أول من صدقه - صلى الله عليه وسلم - فيما بعث به على الإطلاق قبل كل أحد - رضي الله عنها .

وقرأ جبريل عليها السلام من ربها ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب ولا وصب ، وما زالت [ ص: 1197 ] تؤويه ، وتسكن جأشه ، وتعاضده بالنفس والمال حتى توفاها الله - عز وجل .

وعائشة - رضي الله عنها - الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله - صلى الله عليه وسلم - المبرأة من فوق سبع سماوات بأربع عشرة آية تتلى في المحاريب والكتاتيب في كل زمان ومكان ، التي كان ينزل الوحي عليه وهو في حجرها ، وتوفي في حجرها ، وقد خلط ريقها بريقه - صلى الله عليه وسلم - في آخر ساعة من الدنيا ، وأولها من الآخرة ، ودفن في حجرتها ، وكانت من أفقه الصحابة في الحديث والتفسير وغير ذلك ، حتى كان الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونها عن أشياء كثيرة ، فيجدون منها عندها علما لا سيما ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو فعله في الحضر ، أقرأها جبريل السلام أيضا كما أقرأه على خديجة .

ومنهن أم سلمة - رضي الله عنها - ذات الهجرتين مع زوجها أبي سلمة إلى الحبشة ، ثم إلى المدينة ، ثم تزوجها نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة زوجها - رضي الله عنه . وقد رأت جبريل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية بن خليفة ، رضي الله عنه .

ومنهن زينب أم المؤمنين التي زوجه الله إياها من فوق سبع سماوات ، وهي أطولهن يدا لإنفاقها من كسب يدها ، وأسرعهن لحوقا به - صلى الله عليه وسلم ، وبسببها نزل الحجاب .

وصفية بنت حيي من ولد هارون بن عمران رسول الله ، وأخي رسوله موسى الكليم ، عليهما السلام .

[ ص: 1198 ] وجويرية بنت الحارث ملك بني المصطلق التي كانت هي السبب في عتق السبي من قبيلتها .

وسودة بنت زمعة التي كانت أيضا من أسباب الحجاب ، ولما كبرت اختارت نبي الله - عز وجل - أن تبقى في عصمة نكاحه ، ووهبت يومها لعائشة تستحقه مع قسمها .

وأم حبيبة ذات الهجرتين أيضا .

وميمونة بنت الحارث الهلالية - رضي الله عنه - التي نكحها النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة القضاء ، وهما حلالان على ما حدثت به هي والسفير بينهما ، وكلهن زوجاته في الدنيا والآخرة ، رضي الله عنهن .

ويدخل أهل بيته في هذه الآية من باب أولى بل بنص الحديث الخمسة الذين جللهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بكسائه ، كما في صحيح مسلم ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة ، وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ( الأحزاب 33 ) .

ويدخل في أهل بيته آله الذين حرمت عليهم الصدقة بنو هاشم ، وبنو المطلب كما في الصحيح ، عن يزيد بن حيان قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه ، قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وسمعت حديثه ، وغدوت معه ، وصليت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم . قال : يا ابن أخي ، والله لقد كبرت سني ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوا ، وما لا فلا تكلفونيه ، ثم قال : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فينا خطيبا بما يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى [ ص: 1199 ] عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . فحث على كتاب الله تعالى ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي . فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس . قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم . وفي رواية : أحدهما كتاب الله - عز وجل - هو حبل الله ، من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على ضلالة ، وفيه : فقلنا من أهل بيته ، نساؤه ؟ قال : لا وايم الله ، إن المرأة تكون مع الرجال العصر من الدهر ، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده .

وفي الصحيح أيضا ، عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إنما فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها .

وفيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : اجتمع نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يغادر منهن امرأة ، فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم . فقال : مرحبا بابنتي ، فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم إنه أسر إليها حديثا فبكت فاطمة ، ثم إنه سارها فضحكت أيضا ، فقلت لها : ما يبكيك ؟ فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن . فقلت لها حين بكت : أخصك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديثه دوننا ، ثم تبكين ؟ وسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم . حتى إذا قبض سألتها ، فقالت : إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة ، وإنه عارضه به في العام مرتين ، ولا [ ص: 1200 ] أراني إلا قد حضر أجلي ، وإنك أول أهلي لحوقا ، ونعم السلف أنا لك ، فبكيت لذلك ، ثم إنه سارني فقال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ؟ فضحكت لذلك .

وفيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لحسن : اللهم إني أحبه فأحبه ، وأحبب من يحبه . ونحوه عن براء بن عازب .

وفيه عن أبي بكرة - رضي الله عنه : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر ، والحسن إلى جنبه ، ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ، يقول : ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين .

وفيه عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأخذه والحسن ، ويقول : اللهم إني أحبهما فأحبهما ، أو كما قال .

وللترمذي ، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . وقال : حسن صحيح .

[ ص: 1201 ] وفي الصحيح ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا .

وللترمذي - وقال حسن - عن بريدة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين ، عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر فحملهما ، ووضعهما بين يديه ، ثم قال : صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة ( التغابن 15 ) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما .

وله ، عن علي - رضي الله عنه - قال : الحسن أشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين الصدر إلى الرأس ، والحسين أشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان أسفل من ذلك . هذا حديث حسن غريب .

التالي السابق


الخدمات العلمية