معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله - عز وجل - عن أبي بكر - رضي الله عنه - وعلي بن أبي طالب ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن عباس ، وأبي موسى ، وعن عبادة بن الصامت ، [ ص: 335 ] وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، وعن التابعين ، عن سعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن السباط ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعامر بن سعد ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، ومقاتل ، وغيرهم - رحمهم الله من السلف والخلف . ولولا خشية الإطالة ، لنقلنا أقوالهم بأسانيدها ، وفيما ذكرنا من المرفوع كفاية ، وبالله التوفيق .

ذكر المنقول عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب

قال أبو بكر - رضي الله عنه - وقرأ ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) فقالوا : ما الزيادة يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ قال : النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى . وقال علي رضي الله عنه : من تمام النعمة دخول الجنة ، والنظر إلى وجه الله - تبارك وتعالى - في جنته . وقال حذيفة رضي الله عنه : الزيادة النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : والله ، ما منكم من إنسان إلا أن [ ص: 336 ] ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ، قال : فيقول ما غرك بي يا ابن آدم ( ثلاث مرات ) ؟ ماذا أجبت المرسلين ( ثلاث مرات ) ؟ ماذا عملت فيما علمت ؟ وقال رضي الله عنه : الزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل .

وقيل لابن عباس رضي الله عنهما : كل من دخل الجنة يرى ربه عز وجل ؟ قال : نعم . وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد ، فينادي : أين المتقون ؟ فيقومون في كنف واحد من الرحمن تعالى ، لا يحتجب الله منهم ولا يستتر . قال أبو عفيف ، وهو الراوي عنه : من المتقون ؟ قال : قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان ، وأخلصوا لله في العبادة ، فيمرون إلى الجنة .

وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقول : لن تروا ربكم حتى تذوقوا الموت ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما : إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه ألفي عام ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله - جل جلاله - في كل يوم مرتين . وكان فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - يقول : اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك ، وقد تقدم هذا الدعاء عنه ، وتقدم مرفوعا من حديث زيد بن ثابت ، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم . وقال أبو موسى رضي الله عنه : [ ص: 337 ] للذين أحسنوا الحسنى ، قال : الجنة . والزيادة هي النظر إلى وجه الله عز وجل .

وكان - رضي الله عنه - يحدث الناس ، فشخصوا بأبصارهم ، فقال : ما صرف أبصاركم عني ؟ قالوا : الهلال . قال : فكيف بكم إذا رأيتم وجه الله - تعالى - جهرة ؟ . وقال أنس بن مالك - رضي الله عنه - في قوله عز وجل : ( ولدينا مزيد ) ، ( ق : 35 ) : يظهر لهم الرب - تبارك وتعالى - يوم القيامة . وعن جابر - رضي الله عنه - قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأديم عليهم بالكرامة ، جاءتهم خيول من ياقوت أحمر لا تبول ولا تروث ، لها أجنحة فيقعدون عليها ، ثم يأتون الجبار - جل وعلا - فإذا تجلى لهم خروا له سجدا ، فيقول : يا أهل الجنة ، ارفعوا رءوسكم ، فقد رضيت عنكم رضاء لا سخط بعده .

التالي السابق


الخدمات العلمية