معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
ذكر أقوال الأئمة الأربعة ، وطبقاتهم ، ومشايخهم ، رحمهم الله تعالى .

قال مالك بن أنس الإمام رحمه الله تعالى : الناس ينظرون إلى ربهم - عز وجل - يوم القيامة بأعينهم . وسئل - رحمه الله - عن قوله عز وجل : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، ( القيامة : 23 ) ، أتنظر إلى الله عز وجل ؟ قال : نعم ، قال أشهب : فقلت إن أقواما يقولون تنظر ما عنده . قال : بل تنظر إليه نظرا ، وقد قال موسى : ( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ) ، ( الأعراف : 143 ) ، وقال تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) . وذكر الطبراني وغيره أنه قيل لمالك : إنهم يزعمون أن الله لا يرى ، فقال مالك : السيف السيف . وقال أبو صالح كاتب الليث : أملى علي عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، وسألته عما جحدت الجهمية ، فقال : لم يزل يملي لهم الشيطان حتى جحدوا قوله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، فقالوا : لا يراه أحد يوم القيامة فجحدوا ، والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه ونضرته إياهم ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ، ( القمر : 25 ) ، فورب السماء والأرض [ ص: 340 ] ليجعلن رؤيته يوم القيامة للمخلصين له ثوابا ; لينضر بها وجوههم دون المجرمين ، وتفلج بها حجتهم على الجاحدين ، وهم ( عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) لا يرونه ، كما يزعمون أنه لا يرى ، ولا يكلمهم ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم .

وقال الأوزاعي رحمه الله تعالى : إني لأرجو أن يحجب الله - عز وجل - جهما وأصحابه عن أفضل ثوابه الذي وعده الله أولياءه ، حين يقول : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) فجحد جهم وأصحابه أفضل ثوابه الذي وعده الله - تعالى - أولياءه . وقال الوليد بن مسلم : سألت الأوزاعي ، وسفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد ، عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤيا ، فقالوا : تمر بلا كيف .

وقال سفيان بن عيينة : من لم يقل إن القرآن كلام الله ، وأن الله يرى في الجنة ، فهو جهمي . ذكره الطبري ، وذكر عنه ابن أبي حاتم أنه قال : لا يصلى خلف الجهمي ، والجهمي الذي يقول لا يرى ربه يوم القيامة . وذكر ابن أبي حاتم ، عن جرير بن عبد الحميد أنه ذكر حديث ابن سابط في الزيادة أنها النظر إلى وجه الله عز وجل ، فأنكره رجل ، فصاح به وأخرجه من مجلسه .

وذكر أيضا عن ابن المبارك أن رجلا من الجهمية قال له : يا أبا عبد الرحمن " خدا را بآن جهان جون بيند " ومعناه كيف يرى الله يوم القيامة ؟ فقال : بالعين . وقال وكيع بن الجراح - رحمه الله : يراه - تبارك وتعالى - المؤمنون في الجنة ، ولا يراه إلا المؤمنون . وقال قتيبة بن سعيد رحمه الله تعالى : قول الأئمة المأخوذ به في الإسلام والسنة : الإيمان بالرؤية ، والتصديق بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرؤية .

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ، وقد ذكرت عنده هذه الأحاديث التي في الرؤية : هي عندنا حق ، رواها الثقات عن الثقات إلى أن صارت إلينا ، إلا أنا إذا قيل لنا فسروها لنا ، قلنا : لا نفسر منها شيئا ، ولكن نمضيها كما جاءت . وقال عبد الوهاب الوراق : سألت أسود بن سالم عن أحاديث الرؤية ، فقال : أحلف عليها أنها حق . وقال محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى : وقد جاءته رقعة من الصعيد ، فيها : ما تقول في قول الله عز وجل : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) فقال الشافعي رحمه الله تعالى : لما أن حجب هؤلاء في السخط ، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضا ، قال الربيع : فقلت يا أبا عبد الله ، وبه تقول ؟ [ ص: 341 ] قال : نعم ، وبه أدين الله عز وجل . ولو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى الله ، لما عبد الله عز وجل . رواه الحاكم ، عن الربيع عنه ، وروى الطبراني ، وغيره ، عن المزني قال : سمعت الشافعي - رحمه الله تعالى - يقول في قوله عز وجل : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) : فيها دليل على أن أولياء الله يرون ربهم - تبارك وتعالى - ويوم القيامة .

وقال محمد بن عبد الله بن الحكم : سئل الشافعي - رحمه الله تعالى - عن الرؤية ، فقال : يقول الله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ففي هذا دليل على أن المؤمنين لا يحجبون عن الله عز وجل . رواه أبو زرعة الرازي .

ولابن بطة عنه - رحمه الله تعالى - قال : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) دلالة على أن أولياء الله يرونه يوم القيامة بأبصارهم ووجوههم . وقال إسحاق بن منصور : قلت لأحمد : أليس ربنا تبارك وتعالى يراه أهل الجنة ؟ أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ قال أحمد : صحيح . وقال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله - وقيل له تقول بالرؤية - فقال : من لم يقل بالرؤية فهو جهمي . وقال : سمعت أبا عبد الله ، وبلغه عن رجل أنه قال : إن الله لا يرى في الآخرة ، فغضب غضبا شديدا ، ثم قال : من قال إن الله لا يرى في الآخرة ، فقد كفر ، عليه لعنة الله وغضبه من كان من الناس ، أليس يقول الله عز وجل : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، وقال : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) . وقال أبو داود : سمعت أحمد - رحمه الله تعالى - وذكر له عن رجل شيء في الرؤية ، فغضب وقال : من قال إن الله لا يرى فهو كافر ، وقال أيضا : سمعت أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - وقيل له في رجل يحدث بحديث ، عن رجل ، عن أبي العطوف أن الله لا يرى في الآخرة ، فقال : لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ، ثم قال : أخزى الله هذا . وقال أبو بكر المروزي : قيل لأبي عبد الله : تعرف عن يزيد بن هارون ، عن أبي العطوف ، عن أبي الزبير ، عن جابر : إن استقر الجبل فسوف تراني ، وإن لم يستقر فلا تراني في الدنيا ولا في الآخرة ؟ فغضب أبو عبد الله غضبا شديدا [ ص: 342 ] حتى تبين في وجهه ، وكان قاعدا والناس حوله ، فأخذ نعله وانتعل ، وقال : أخزى الله هذا ، هذا لا ينبغي أن يكتب . ودفع أن يكون يزيد بن هارون رواه أو حدث به ، وقال : هذا جهمي كافر ، خالف ما قاله الله عز وجل : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، وقال : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ، أخزى الله هذا الخبيث ؟ قال أبو عبد الله : ومن زعم أن الله لا يرى في الآخرة ، فقد كفر .

وقال أبو طالب : قال أبو عبد الله : قول الله عز وجل : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) ، ( البقرة : 210 ) ، ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) فمن قال إن الله لا يرى ، فقد كفر . وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ : سمعت أبا عبد الله يقول : من لم يؤمن بالرؤية ، فهو جهمي ، والجهمي كافر .

وقال يوسف بن موسى بن محمد القطان : قيل لأبي عبد الله : أهل الجنة ينظرون إلى ربهم - تبارك وتعالى - ويكلمونه ويكلمهم ؟ قال : نعم ، ينظر إليهم ، وينظرون إليه ، ويكلمهم ويكلمونه ، كيف شاءوا إذا شاءوا . وقال حنبل بن إسحاق : سمعت أبا عبد الله يقول : القوم يرجعون إلى التعطيل في أقوالهم ، ينكرون الرؤية والآثار كلها ، وما ظننتهم على هذا حتى سمعت مقالاتهم . قال حنبل : وسمعت أبا عبد الله ، يقول : من زعم أن الله لا يرى في الآخرة ، فهو جهمي ، فقد كفر ورد على الله وعلى الرسول ، ومن زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ، فقد كفر ، ورد على الله قوله .

قال أبو عبد الله : فنحن نؤمن بهذه الأحاديث ونقر بها ، ونمرها كما جاءت . وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله - رحمه الله - يقول : فأما من يقول إن الله لا يرى في الآخرة ، فهو جهمي . قال أبو عبد الله : وإنما تكلم من تكلم في رؤية الدنيا . وقال إبراهيم بن زياد الصائغ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : الرؤية من كذب بها ، فهو زنديق . وقال حنبل يقول : الرؤية من كذب بها ، فهو زنديق . وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : أدركنا الناس وما ينكرون من هذه الأحاديث شيئا أحاديث الرؤية ، وكانوا يحدثون بها على الجملة ، يمرونها على حالها غير منكرين لذلك ولا مرتابين .

وقال أبو عبد الله رحمه الله تعالى : قال الله تعالى : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا ) ، ( الشورى : 52 ) ، وكلم الله موسى من وراء حجاب ، فقال : ( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) [ ص: 243 ] فأخبر الله - عز وجل - أن موسى يراه في الآخرة ، وقال : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ولا يكون حجاب إلا لرؤية ، أخبر الله - سبحانه وتعالى - أن من شاء الله ومن أراد يراه ، والكفار لا يرونه .

قال حنبل : وسمعت أبا عبد الله يقول : قال الله تعالى : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، والأحاديث التي تروى في النظر إلى الله - تعالى - حديث جابر بن عبد الله ، وغيره : تنظرون إلى ربكم ، أحاديث صحاح . وقال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) النظر إلى وجه الله عز وجل . قال أبو عبد الله : نؤمن بها ، ونعلم أنها حق أحاديث الرؤية ، ونؤمن بأن الله يرى ، نرى ربنا يوم القيامة لا نشك فيه ولا نرتاب .

قال : وسمعت أبا عبد الله يقول : من زعم أن الله لا يرى في الآخرة ، فقد كفر بالله ، وكذب بالقرآن ، ورد على الله أمره ، يستتاب فإن تاب ، وإلا قتل . قال حنبل : قلت لأبي عبد الله في أحاديث الرؤية ، قال : هذه صحاح نؤمن بها ، ونقر بها ، وكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقررنا به . قال أبو عبد الله : إذا لم نقر بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودفعناه ، رددنا على الله أمره ، قال الله عز وجل : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ، ( الحشر : 7 ) .

وقال عبد الله بن طاهر أمير خراسان لإسحاق بن راهويه : يا أبا يعقوب ، هذه الأحاديث التي يروونها في النزول والرؤية ، ما هن ؟ فقال : رواها من روى الطهارة ، والغسل ، والصلاة ، والأحكام ، وذكر أشياء ، فإن يكونوا في هذا عدولا ، وإلا فقد ارتفعت الأحكام ، وبطل الشرع . فقال : شفاك الله كما شفيتني ، أو كما قال . ذكره الحاكم ، وقال إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتابه : إن المؤمنين لم يختلفوا أن المؤمنين يرون خالقهم يوم القيامة ، ومن أنكر ذلك ، فليس بمؤمن عند المؤمنين .

وقال نعيم بن حماد للمزني : ما تقول في القرآن ؟ فقال : أقول إنه كلام الله . فقال : غير مخلوق ؟ فقال : غير مخلوق . قال : وتقول : إن الله يرى يوم القيامة ؟ قال : نعم . فلما افترق الناس قام إليه المزني ، فقال : يا أبا عبد الله ، شهرتني على رءوس الناس . فقال : إن الناس قد أكثروا فيك ، فأردت أن أبرئك . وقال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في قوله تعالى : ( وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام ) ، ( الأحزاب : 44 ) : أجمع أهل اللغة على أن اللقاء هاهنا لا يكون [ ص: 344 ] إلا معاينة ونظرا بالأبصار . قلت : واللقاء ثابت بنص القرآن هذه الآية وغيرها ، وبالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل أحاديث اللقاء صحيحة ، كحديث أنس في قصة بئر معونة : إنا قد لقينا ربنا ، فرضي عنا وأرضانا . وحديث عبادة ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وابن مسعود رضي الله عنهم : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه . وحديث أنس : إنكم ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوا الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وحديث أبي ذر رضي الله عنه : لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة . وحديث أبي موسى : من لقي الله لا يشرك به شيئا ، دخل الجنة . وغير ذلك من أحاديث اللقاء التي اطردت كلها بلفظ واحد .

فهذا كتاب الله - عز وجل - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الصريحة ، وهذه [ ص: 345 ] أقوال الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الهدى ، كلها مجتمعة على أن المؤمنين يرون ربهم - تبارك وتعالى - في الجنة ، ويتلذذون بالنظر إلى وجهه الكريم ، وذلك غاية النعيم ، وأعلى الكرامات ، وأفضل فضيلة ، ولذا يذهلون بالنظر إليه عن كل ما هم فيه من النعيم ، فنحن نؤمن بذلك كله ، ونشهد الله تعالى ، وملائكته ، وأنبياءه ، ورسله ، والمؤمنين على ذلك ، ونضرع إلى الله - تعالى - وندعوه بأسمائه الحسنى أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه - تعالى - في جنة عدن ، وأن لا يحجبنا عنه فنكون من الذين أخبر عنهم أنهم عنه يومئذ لمحجوبون ، نعوذ بالله من ذلك .

ومن جحد الرؤية ، فهو كاذب على الله تعالى ، مكذب بالصدق إذ جاءه ، راد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، مخالف لجماعة المؤمنين ، كافر بلقاء الله عز وجل ، متبع غير سبيل المؤمنين ، وسيوليه الله ما تولى ، ويصليه جهنم إن مات مصرا على جحوده ، أليس في جهنم مثوى للكافرين ؟ وقد وعد الله - عز وجل - أن المكذبين محجوبون عنه يوم القيامة فقال تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ) ، وتقدم تفسير ابن المبارك قوله : ( تكذبون ) بالرؤية . وقد ورد حديث في وعيد منكري اللقاء ، وهو متناول منكر الرؤية بلا شك ولا مرية .

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ، ليست فيها سحابة ؟ قالوا : لا . قال : هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ، ليس فيه سحابة ؟ قالوا : لا . قال : فوالذي نفس محمد بيده ، لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، فيلقى العبد ، فيقول : أي فل ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وترفع ؟ فيقول : بلى . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثاني فيقول : أي فل ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل ، والإبل ، وأذرك ترأس وترفع ؟ فيقول : بلى ، أي رب . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : إني أنساك كما نسيتني ، ثم يلقى الثالث ، فيقول له مثل ذلك ، فيقول : يا رب ، آمنت بك ، وبكتابك ورسلك ، وصليت وصمت وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع ، فيقول : هاهنا إذا ، ثم يقال : الآن [ ص: 346 ] نبعث شاهدا عليك ، فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي ، فيختم على فيه ، ويقال لفخذه انطقي ، فينطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك المنافق ، وذلك الذي يسخط الله عليه .

ومن تراجم أئمة السنة على هذا الحديث : باب وعيد منكري الرؤية ، والدلالة منه واضحة منطوقا ومفهوما ، ولله الحمد ، ولا خلاف في ثبوت رؤية المؤمنين ربهم - تبارك وتعالى - في دار الآخرة .

وكذا لا خلاف بينهم في أنه لا يراه أحد قبل الموت ، وإنما وقع الخلاف بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم في ثبوت رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج ، كما سيأتي إن شاء الله بحث ذلك في موضعه ، وبالله التوفيق .

وجوب الإيمان بالصفات الواردة في القرآن وصحيح السنة ، وإقرارها كما أتت .

التالي السابق


الخدمات العلمية