معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

صفحة جزء
[ ص: 349 ] ( أو صح في ما قاله الرسول ) من الأحاديث النبوية الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم ، عن ربه - عز وجل - يقول الله تعالى : أنا مع عبدي حين يذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ، ذكرته في ملأ خير منهم . متفق عليه من حديث أبي هريرة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله العظيم وبحمده ، عدد خلقه ، ورضاء نفسه ، وزنة عرشه . رواه مسلم والأربعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم : لما قضى الله الخلق ، كتب في كتابه على نفسه ، فهو موضوع عنده على العرش : إن رحمتي تغلب غضبي . متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

وعن جابر - رضي الله عنه - قال : لما نزلت هذه الآية ( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ) ، ( الأنعام : 65 ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أعوذ بوجهك ، قال : أو من تحت أرجلكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أعوذ بوجهك ، قال : أو يلبسكم شيعا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هذا أيسر . رواه البخاري ، وغيره .

وقوله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن يحل بي غضبك ، أو ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا [ ص: 350 ] حول ولا قوة إلا بك . رواه محمد بن إسحاق في سيرته .

وقوله صلى الله عليه وسلم : وأسألك لذة النظر إلى وجهك . الحديث . تقدم في الرؤية . وقوله صلى الله عليه وسلم : مثل المجاهد في سبيل الله ابتغاء وجه الله ، مثل القائم المصلي حتى يرجع المجاهد . متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : من استعاذ بالله فأعيذوه ، ومن سألكم بالله فأعطوه . رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن خزيمة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما . وقوله - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص : إنك لن تخلف بعدي ، فتعمل عملا تريد وجه الله تعالى ، إلا ازددت به رفعة ودرجة . رواه البخاري وغيره من حديثه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا ، فإن الله يقبل بوجهه إلى وجه عبده . رواه ابن خزيمة والبيهقي من حديث الحارث الأشعري . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الدجال : ألا إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور . الحديث متفق عليه من حديث أنس ، وابن عمر وغيرهما . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة : يقول الناس لآدم : أنت آدم أبو الناس ، خلقك الله بيده . الحديث . متفق عليه ، عن أنس رضي الله عنهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم : يد الله ملأى لا تغيضها نفقة ، سحاء الليل [ ص: 351 ] والنهار . وقال : أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض ، فإنه لم يغض ما في يمينه . قال : وعرشه على الماء ، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع . متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله - تعالى - يقبض يوم القيامة الأرض ، وتكون السماوات بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك . متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، واللفظ للبخاري . وتصديقه - صلى الله عليه وسلم - اليهودي الذي قال له : يا محمد ، إن الله - تعالى - يمسك السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والجبال على إصبع ، والشجر على إصبع ، والخلائق على إصبع ، ثم يقول : أنا الملك . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبا وتصديقا له . متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : لما خلق الله الخلق ، كتب بيده على نفسه : إن رحمتي تغلب غضبي . متفق عليه من حديث أبي هريرة . وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله - تعالى - يفتح أبواب السماء في ثلث الليل الباقي ، فيبسط يديه فيقول : ألا عبد يسألني فأعطيه ؟ الحديث . تقدمت ألفاظه في إثبات النزول .

وقوله صلى الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب ، فإن الله يتقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه ، حتى تكون مثل الجبل . متفق عليه من حديث أبي هريرة . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث احتجاج آدم وموسى ، فقال آدم : يا موسى ، اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك التوراة بيده . الحديث . متفق عليه من حديث أبي هريرة .

وقوله صلى الله عليه وسلم : إن يد الله هي العليا ، ويد المعطي التي تليها ، ويد السائل أسفل من ذلك . رواه ابن خزيمة من حديث حكيم بن حزام ، وأصله في الصحيح . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة خلق آدم : فقال الله - تبارك [ ص: 352 ] وتعالى - ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت . قال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطها ، فإذا فيها آدم وذريته . الحديث . أخرجه ابن خزيمة ، والبيهقي من حديث أبي هريرة . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة سؤال موسى - عليه السلام - ربه - عز وجل - عن منازل أهل الجنة ، قال : يا رب ، فأخبرني بأعلاهم منزلة . قال : هذا أردت فسوف أخبرك . قال : غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها . . . الحديث . رواه البيهقي ، وابن خزيمة من حديث المغيرة بن شعبة . وقوله صلى الله عليه وسلم : تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يكفأها الجبار بيده . الحديث . متفق عليه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها . رواه مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه . وقوله صلى الله عليه وسلم : ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به . . . الحديث . أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا أحب الله العبد نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه . . . الحديث . في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : وما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله ، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم . رواه البخاري ، عن أبي [ ص: 353 ] موسى رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : عجب ربنا من قنوط عباده ، وقرب خيره . الحديث . وقوله صلى الله عليه وسلم : عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل . رواه أحمد ، والبخاري من حديث ابن مسعود . وقوله صلى الله عليه وسلم : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة . متفق عليه من حديث أبي هريرة .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولا بعده مثله . وقوله صلى الله عليه وسلم : من أعان على خصومة في باطل ، فقد باء بغضب من الله . رواه أبو داود بسند صحيح ، عن ابن عمر رضي الله عنهما . وفي رواية : من خاصم في باطل ، لم يزل في سخط الله حتى ينزع . وقوله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه ، إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها زوجها . وقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا أبغض [ ص: 354 ] عبدا ، دعا جبرائيل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه ، قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ، قال : فيبغضونه ، ثم يوضع له البغضاء في الأرض . رواه مسلم .

وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشربة فيحمده عليها . رواه مسلم ، عن أنس رضي الله عنه .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة أصحاب بئر معونة : بلغوا قومنا عنا أنا قد لقينا ربنا ، فرضي عنا وأرضانا . وهو في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه ، وهو من التنزيل المنسوخ تلاوة . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة سبي هوازن : الله أرحم بعباده من هذه بولدها . أخرجاه من حديث عمر رضي الله عنه . وقوله صلى الله عليه وسلم : جعل الله الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، ونزل في الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه . أخرجاه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

ولمسلم معناه من حديث سلمان رضي الله عنه ، وفيه : كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض ، فإذا كان يوم القيامة ، كملها بهذه الرحمة . وقوله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت ، والجن والإنس يموتون . أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم ، عن أيوب - عليه السلام : وعزتك لا غنى بي عن بركتك . أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة [ ص: 355 ] رضي الله عنه . وقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم لك الحمد ، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن . أخرجاه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك . لمسلم والأربعة ، عن عائشة . وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه ، لم يفلته . قال : ثم قرأ ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) ، ( هود : 102 ) أخرجاه من حديث أبي موسى رضي الله عنه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : فإن الله لم يك لينسى شيئا ، وما كان ربك نسيا . رواه البزار ، وابن أبي حاتم ، والطبراني من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حلفه : لا ومقلب القلوب . أخرجاه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن ، فإذا شاء أن يقيمه أقامه ، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه . رواه أحمد ، والشيخان ، وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها . وفي صدره : يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الجنة والنار : لا يزال يلقى فيها - يعني النار - وتقول : هل من مزيد ، حتى يضع فيها رب العالمين قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قد قد بعزتك وكرمك . وفي [ ص: 356 ] رواية " قط قط " بالطاء ، أخرجاه من حديث أنس . وقوله صلى الله عليه وسلم : لا شخص أغير من الله . علقها البخاري بلفظ الترجمة ، ووصلها الدارمي في مسنده .

وقوله صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من غيرة سعد ، والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرة الله ، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله ، ومن أجل ذلك وعد الجنة . رواه البخاري من حديث المغيرة بن شعبة في الترجمة السابقة ، والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا ، يحتاج استقصاؤها إلى بسط طويل ، وفيما ذكرنا كفاية ، وما أشبه فسبيله سبيله .

( فحقه التسليم ) له ( والقبول ) الفاء واقعة في جواب كل ما ، فنقول في ذلك : ما ذكره الله - تعالى - عن الراسخين في العلم حيث قال : ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) ، ( آل عمران 7 - 8 ) ، ولا نضرب كتاب الله بعضه ببعض ، فنتبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله كما يفعله الذين في قلوبهم زيغ ، أعاذنا الله وعصمنا من ذلك بمنه وكرمه وفضله ، إنه سميع مجيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية