الطائفة الرابعة :  
نفاة القدر  ، وهم فرقتان :  
فرقة نفت تقدير الخير والشر بالكلية ، وجعلت العباد هم الخالقين لأفعالهم خيرها وشرها ، ولازم هذا القول أنهم هم الخالقون لأنفسهم ; لأن في قولهم نفي تصرف الله في عباده ، وإخراج أفعالهم عن خلقه وتقديره ، فيكون تكونهم من التراب ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة إلى آخر أطوار التخليق ، هم بأنفسهم تطوروا ، وبطبيعتهم تخلقوا ، وهذا راجع إلى مذهب  
الطبائعية الدهرية   الذين لم يثبتوا خالقا أصلا ، كما قدمنا مناظرة  
أبي حنيفة  لبعضهم ، فأسلموا على يديه .   
[ ص: 372 ] وفرقة نفت تقدير الشر دون الخير ، فجعلوا الخير من الله ، وجعلوا الشر من العبد ، ثم منهم من ينفي تقدير الشر من أعمال العباد دون تقديره في المصائب ، ومنهم من غلا فنفى تقدير الشر من المصائب والمعايب ، وعلى كل حال فقد أثبتوا مع الله - تعالى - خالقا ، بل جعلوا العباد معه خالقين كلهم ، ونفوا أن يكون الله هو المتفرد بالتصرف في ملكوته ، وهذا راجع إلى مذهب  
المجوس   الثنوية الذين أثبتوا خالقين : خالقا للخير ، وخالقا للشر ، قبحهم الله تعالى .