صفحة جزء
[ ص: 201 ] ( وقوله : صلى الله عليه وسلم : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ؛ كلاهما يدخل الجنة ، متفق عليه ) .


ش قوله : ( يضحك الله إلى رجلين . . ) إلخ ؛ يثبت أهل السنة والجماعة الضحك لله عز وجل كما أفاده هذا الحديث وغيره على المعنى الذي يليق به سبحانه ، والذي لا يشبهه ضحك المخلوقين عندما يستخفهم الفرح ، أو يستفزهم الطرب ؛ بل هو معنى يحدث في ذاته عند وجود مقتضيه ، وإنما يحدث بمشيئته وحكمته ؛ فإن الضحك إنما ينشأ في المخلوق عند إدراكه لأمر عجيب يخرج عن نظائره ، وهذه الحالة المذكورة في هذا الحديث كذلك ؛ فإن تسليط الكافر على قتل المسلم مدعاة في بادئ الرأي لسخط الله على هذا الكافر ، وخذلانه ، ومعاقبته في الدنيا والآخرة ، فإذا من الله على هذا الكافر بعد ذلك بالتوبة ، وهداه للدخول في الإسلام ، وقاتل في سبيل الله حتى يستشهد فيدخل الجنة ؛ كان ذلك من الأمور العجيبة حقا ، وهذا من كمال رحمته وإحسانه وسعة فضله على عباده سبحانه ؛ فإن المسلم يقاتل في سبيل الله ، ويقتله الكافر ، فيكرم الله المسلم بالشهادة ، ثم يمن على ذلك القاتل ، فيهديه للإسلام والاستشهاد في سبيله ، فيدخلان الجنة جميعا .

[ ص: 202 ] وأما تأويل ضحكه سبحانه بالرضا أو القبول أو أن الشيء حل عنده بمحل ما يضحك منه ، وليس هناك في الحقيقة ضحك ؛ فهو نفي لما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه ، فلا يلتفت إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية