صفحة جزء
( قوله : إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها ؛ فافعلوا ، متفق عليه ) .


[ ص: 215 ] ش هذا الحديث الصحيح المتواتر يشهد لما دلت عليه الآيات السابقة من رؤية المؤمنين لله عز وجل في الجنة ، وتمتعهم بالنظر إلى وجهه الكريم .

وهذه النصوص من الآيات والأحاديث تدل على أمرين :

أولهما : علوه تعالى على خلقه ؛ لأنها صريحة في أنهم يرونه من فوقهم .

ثانيهما : أن أعظم أنواع النعيم هو النظر إلى وجه الله الكريم .

وقوله : ( كما ترون القمر ليلة البدر ) ؛ المراد تشبيه الرؤية بالرؤية ، لا تشبيه المرئي بالمرئي ؛ يعني : أن رؤيتهم لربهم تكون من الظهور والوضوح كرؤية القمر في أكمل حالاته ، وهي كونه بدرا ، ولا يحجبه سحاب ، ولهذا قال بعد ذلك : ( لا تضامون في رؤيته ) ؛ روي بتشديد الميم من التضام ؛ بمعنى : التزاحم والتلاصق ، والتاء يجوز فيها الضم والفتح ، على أن الأصل تتضامون ، فحذفت إحدى التاءين تخفيفا ، وروي بتخفيف الميم من الضيم ؛ بمعنى : الظلم ؛ يعني : لا يلحقكم في رؤيته ضيم ولا غبن .

وفي حثه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على صلاة العصر وصلاة الفجر - خاصة - إشارة إلى أن من حافظ عليهما في جماعة نال هذا النعيم الكامل ، الذي يضمحل بإزائه كل نعيم ، وهو يدل على تأكيد هاتين الصلاتين كما دل على ذلك الحديث الآخر : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، متفق عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية