صفحة جزء
[ ص: 216 ] ( إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به ؛ فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك ؛ كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه ؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، بل هم الوسط في فرق الأمة ؛ كما أن الأمة هي الوسط في الأمم ) .


ش قوله : ( إلى أمثال هذه الأحاديث . . ) إلخ .

لما كان ما ذكره المؤلف من الأحاديث ليس هو كل ما ورد في باب الصفات من الأخبار ؛ نبه على أن أمثال هذه الأحاديث التي ذكرها مما يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به ، فإن حكمه كذلك ، وهو وجوب الإيمان بما يتضمنه من أسماء الله وصفاته .

ثم عاد فأكد معتقد أهل السنة والجماعة ، وهو أنهم يؤمنون بما وردت به السنة الصحيحة من صفات ؛ كإيمانهم بما أخبر الله به في كتابه ، من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل .

ثم أخبر عن أهل السنة والجماعة بأنهم وسط بين فرق الضلال والزيغ من هذه الأمة ؛ كما أن هذه الأمة وسط بين الأمم السابقة ؛ قال تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا .

[ ص: 217 ] ومعنى ( وسطا ) : عدولا خيارا ؛ كما ورد الحديث بذلك .

فهذه الأمة وسط بين الأمم التي تجنح إلى الغلو الضار والأمم التي تميل إلى التفريط المهلك .

فإن من الأمم من غلا في المخلوقين ، وجعل لهم من صفات الخالق وحقوقه ما جعل ؛ كالنصارى الذين غلوا في المسيح والرهبان .

ومنهم من جفا الأنبياء وأتباعهم ، حتى قتلهم ، ورد دعوتهم ؛ كاليهود الذين قتلوا زكريا ويحيى ، وحاولوا قتل المسيح ، ورموه بالبهتان .

وأما هذه الأمة ؛ فقد آمنت بكل رسول أرسله الله ، واعتقدت رسالتهم ، وعرفت لهم مقاماتهم الرفيعة التي فضلهم الله بها .

ومن الأمم أيضا من استحلت كل خبيث وطيب .

ومنها من حرم الطيبات غلوا ومجاوزة .

[ ص: 218 ] وأما هذه الأمة ؛ فقد أحل الله لها الطيبات ، وحرم عليها الخبائث .

إلى غير ذلك من الأمور التي من الله على هذه الأمة الكاملة بالتوسط فيها .

فكذلك أهل السنة والجماعة متوسطون بين فرق الأمة المبتدعة التي انحرفت عن الصراط المستقيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية