صفحة جزء
( ويحاسب الله الخلائق ، ويخلو بعبده المؤمن ، فيقرره بذنوبه ؛ كما وصف ذلك في الكتاب والسنة ، وأما الكفار ؛ فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته ؛ فإنه لا حسنات لهم ، ولكن تعد أعمالهم ، فتحصى ، فيوقفون عليها ويقررون بها ) .


ش قوله : ( ويحاسب الله الخلائق . . ) إلخ ؛ المراد بتلك المحاسبة تذكيرهم وإنباؤهم بما قدموه من خير وشر أحصاه الله ونسوه ؛ قال تعالى : ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون .

وفي الحديث الصحيح : [ ص: 242 ] من نوقش الحساب عذب ، فقالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله ! أوليس الله يقول : فسوف يحاسب حسابا يسيرا ؟ فقال : إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب يهلك .

وأما قوله : ( ويخلو بعبده المؤمن ) ؛ فقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الله عز وجل يدني منه عبده المؤمن ، فيضع عليه كنفه ، ويحاسبه فيما بينه وبينه ، ويقرره بذنوبه ، فيقول : ألم تفعل كذا يوم كذا ؟ ألم تفعل كذا يوم كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ، وأيقن أنه قد هلك ؛ قال له : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم .

وأما قوله : ( فإنه لا حسنات لهم ) ؛ يعني الكفار ؛ لقوله تعالى : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ، وقوله : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء .

[ ص: 243 ] والصحيح أن أعمال الخير التي يعملها الكافر يجازى بها في الدنيا فقط ، حتى إذا جاء يوم القيامة وجد صحيفة حسناته بيضاء ، وقيل : يخفف بها عنه من عذاب غير الكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية