صفحة جزء
( فصل : ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل ، قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح ، وأن الإيمان يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ) .


[ ص: 264 ] [ ص: 265 ] ش سبق أن ذكرنا في مسألة الأسماء والأحكام أن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان ، وأن هذه الثلاثة داخلة في مسمى الإيمان المطلق .

فالإيمان المطلق يدخل فيه جميع الدين : ظاهره وباطنه ، أصوله وفروعه ، فلا يستحق اسم الإيمان المطلق إلا من جمع ذلك كله ولم ينقص منه شيئا .

ولما كانت الأعمال والأقوال داخلة في مسمى الإيمان ؛ كان الإيمان قابلا للزيادة والنقص ، فهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ؛ كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة ، وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم وأعمال قلوبهم وأعمال جوارحهم .

[ ص: 266 ] ومن الأدلة على زيادة الإيمان ونقصه أن الله قسم المؤمنين ثلاث طبقات ، فقال سبحانه : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله .

فالسابقون بالخيرات هم الذين أدوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات ، وهؤلاء هم المقربون .

والمقتصدون هم الذين اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرمات .

والظالمون لأنفسهم هم الذين اجترءوا على بعض المحرمات وقصروا ببعض الواجبات مع بقاء أصل الإيمان معهم .

ومن وجوه زيادته ونقصه كذلك أن المؤمنين متفاوتون في علوم الإيمان ، فمنهم من وصل إليه من تفاصيله وعقائده خير كثير ، فازداد به إيمانه ، وتم يقينه ، ومنهم من هو دون ذلك ، حتى يبلغ الحال ببعضهم ألا يكون معه إلا إيمان إجمالي لم يتيسر له من التفاصيل شيء ، وهو مع ذلك مؤمن .

وكذلك هم متفاوتون في كثير من أعمال القلوب والجوارح ، وكثرة الطاعات وقلتها .

[ ص: 267 ] وأما من ذهب إلى أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب ، وأنه غير قابل للزيادة أو النقص ؛ كما يروى عن أبي حنيفة وغيره ؛ فهو محجوج بما ذكرنا من الأدلة ، قال عليه السلام : الإيمان بضع وسبعون شعبة ؛ أعلاها : قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق .

التالي السابق


الخدمات العلمية