صفحة جزء
( ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ، ويقدمون المهاجرين على الأنصار .

[ ص: 273 ] ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاث مائة وبضعة عشر : ( اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم ) .

وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مائة .

ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة ) .


ش وأما قوله : ( ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل ) ؛ فلورود النص القرآني بذلك ، قال تعالى في سورة الحديد : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى .

[ ص: 274 ] وأما تفسير الفتح بصلح الحديبية ؛ فذلك هو المشهور ، وقد صح أن سورة الفتح نزلت عقيبه .

وسمي هذا الصلح فتحا ؛ لما ترتب عليه من نتائج بعيدة المدى في عزة الإسلام ، وقوته وانتشاره ، ودخول الناس فيه .

وأما قوله : ( ويقدمون المهاجرين على الأنصار ) ؛ فلأن المهاجرين جمعوا الوصفين : النصرة والهجرة ، ولهذا كان الخلفاء الراشدون وبقية العشرة من المهاجرين ، وقد جاء القرآن بتقديم المهاجرين على الأنصار في سورة التوبة والحشر ، وهذا التفضيل إنما هو للجملة على الجملة ، فلا ينافي أن في الأنصار من هو أفضل من بعض المهاجرين .

وقد روي عن أبي بكر أنه قال في خطبته يوم السقيفة : ( نحن المهاجرون ، وأول الناس إسلاما ، أسلمنا قبلكم ، وقدمنا في القرآن عليكم ، فنحن الأمراء ، وأنتم الوزراء ) .

[ ص: 275 ] وأما قوله : ( ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر . . ) إلخ ؛ فقد ورد أن عمر رضي الله عنه لما أراد قتل حاطب بن أبي بلتعة وكان قد شهد بدرا لكتابته كتابا إلى قريش يخبرهم فيه بمسير الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : وما يدريك يا عمر ؟ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .

وأما قوله : ( وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة . . ) إلخ ؛ فلإخباره صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولقوله تعالى : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة . . الآية فهذا الرضا مانع من إرادة تعذيبهم ، ومستلزم لإكرامهم ومثوبتهم .

وأما قوله : ( ويشهدون بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة ) .

أما العشرة ؛ فهم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح .

[ ص: 276 ] وأما غيرهم ؛ فكثابت بن قيس ، وعكاشة بن محصن ، وعبد الله بن سلام ، وكل من ورد الخبر الصحيح بأنه من أهل الجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية