صفحة جزء
فصل : ثم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالسنة تفسر القرآن ، وتبينه ، وتدل عليه ، وتعبر عنه ، وما وصف الرسول به ربه عز وجل من [ ص: 57 ] الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول وجب الإيمان بها كذلك .

فمن ذلك : مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ؟ .

متفق عليه .

وقوله صلى الله عليه وسلم : لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من أحدكم براحلته .

متفق عليه .

وقوله : صلى الله عليه وسلم : يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ؛ كلاهما يدخل الجنة متفق عليه .

وقوله : عجب ربنا من قنوط عباده وقرب خيره ، ينظر إليكم أزلين قنطين ، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب حديث حسن .

وقوله صلى الله عليه وسلم : لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله وفي رواية - : عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض ، فتقول : قط قط متفق عليه .

وقوله : يقول تعالى : يا آدم ! فيقول : لبيك وسعديك ، فينادي بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار متفق عليه .

وقوله : ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه وليس بينه وبينه ترجمان .

وقوله في رقية المريض : ربنا الله الذي في السماء ، تقدس اسمك ، أمرك في السماء والأرض ، كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في [ ص: 58 ] الأرض ، اغفر لنا حوبنا وخطايانا ، أنت رب الطيبين ، أنزل رحمة من رحمتك ، وشفاء من شفائك على هذا الوجع ؛ فيبرأ حديث حسن ، رواه أبو داود وغيره ، وقوله : ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء حديث صحيح . وقوله : والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش ، وهو يعلم ما أنتم عليه حديث حسن ، رواه أبو داود وغيره ، وقوله للجارية : أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة رواه مسلم .

وقوله : أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت حديث حسن ، وقوله : إذا قام أحدكم إلى الصلاة ؛ فلا يبصقن قبل وجهه ، ولا عن يمينه ؛ فإن الله قبل وجهه ، ولكن عن يساره ، أو تحت قدمه ، متفق عليه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم رب السماوات السبع والأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والقرآن ، أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ؛ اقض عني الدين وأغنني من الفقر ، رواية مسلم .

وقوله صلى الله عليه وسلم لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر : أيها الناس ! أربعوا على أنفسكم ؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا بصيرا قريبا ، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ، متفق عليه .

[ ص: 59 ] قوله : إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها ؛ فافعلوا ، متفق عليه .

إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به ؛ فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك ؛ كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ؛ بل هم الوسط في فرق الأمة ، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم ؛ فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية ، وأهل التمثيل المشبهة ؛ وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية ، وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم ، وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة ، وبين المرجئة والجهمية .

وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج .

ذ

التالي السابق


الخدمات العلمية