صفحة جزء
( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا ) .


ش وجعل الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة والعبودية مقرونا بالشهادة لله بالتوحيد ؛ للإشارة إلى أنه لا بد من كل منهما ، فلا تغني إحداهما عن الأخرى ، ولهذا قرن بينهما في الأذان ، وفي التشهد .

وقال بعضهم في تفسير قوله تعالى : ورفعنا لك ذكرك : ( يعني : لا أذكر إلا ذكرت معي ) ، وإنما جمع له بين وصفي الرسالة والعبودية ؛ لأنهما أعلى ما يوصف به العبد .

والعبادة : هي الحكمة التي خلق الله الخلق لأجلها كما قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .

[ ص: 90 ] فكمال المخلوق في تحقيق تلك الغاية ، وكلما ازداد العبد تحقيقا للعبودية ؛ ازداد كماله ، وعلت درجته ، ولهذا ذكر الله نبيه بلقب العبد في أسمى أحواله وأشرف مقاماته ؛ كالإسراء به ، وقيامه بالدعوة إلى الله ، والإيحاء إليه ، والتحدي بالذي أنزل عليه .

ونبه بوصف العبودية أيضا إلى الرد على أهل الغلو الذين قد يتجاوزون بالرسول قدره ، ويرفعونه إلى مرتبة الألوهية ، كما يفعل ضلال الصوفية قبحهم الله ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، وإنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله .

والمقصود أن هذه الشهادة تتضمن اعتراف العبد بكمال عبوديته صلى الله عليه وسلم لربه ، وكمال رسالته ، وأنه فاق جميع البشر في كل خصلة كماله .

ولا تتم هذه الشهادة حتى يصدقه العبد في كل ما أخبر به ، ويطيعه في كل ما أمر به ، وينتهي عما نهى عنه .

الصلاة في اللغة : الدعاء ؛ قال تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم .

[ ص: 91 ] وأصح ما قيل في صلاة الله على رسوله هو ما ذكره البخاري في ( صحيحه ) عن أبي العالية قال : ( صلاة الله على رسوله : ثناؤه عليه عند الملائكة ) .

والمشهور أن الصلاة من الملائكة الاستغفار كما في الحديث الصحيح : والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه ، يقولون : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، ومن الآدميين : التضرع والدعاء .

وآل الشخص هم من يمتون إليه بصلة وثيقة من قرابة ونحوها .

وآله صلى الله عليه وسلم يراد بهم أحيانا من حرمت عليهم الصدقة ، وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، ويراد بهم أحيانا كل من تبعه على دينه .

وأصل ( آل ) : أهل ، أبدلت الهاء همزة ، فتوالت همزتان ، فقلبت الثانية منهما ألفا ، ويصغر على أهيل أو أويل ، ولا يستعمل إلا فيما شرف غالبا ، فلا يقال : آل الإسكاف وآل الحجام .

[ ص: 92 ] والمراد بالصحب أصحابه صلى الله عليه وسلم ، وهم كل من لقيه حال حياته مؤمنا ، ومات على ذلك .

والسلام : اسم مصدر من سلم تسليما عليه ، بمعنى طلب له السلامة من كل مكروه ، وهو اسم من أسمائه تعالى ، ومعناه : البراءة والخلاص من النقائص والعيوب ، أو الذي يسلم على عباده المؤمنين في الآخرة .

و ( مزيدا ) صفة لـ ( تسليما ) ، وهو اسم مفعول من ( زاد ) المتعدي ، والتقدير : مزيدا فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية