صفحة جزء
( ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى ) .


ش وأما قوله : ( لا يقاس بخلقه ) فالمقصود به أنه لا يجوز استعمال شيء من الأقيسة التي تقتضي المماثلة والمساواة بين المقيس والمقيس عليه في الشئون الإلهية .

وذلك مثل قياس التمثيل الذي يعرفه علماء الأصول بأنه إلحاق فرع بأصل في حكم جامع ، كإلحاق النبيذ بالخمر في الحرمة لاشتراكهما في علة الحكم ، وهي الإسكار .

فقياس التمثيل مبني على وجود مماثلة بين الفرع والأصل ، والله عز وجل لا يجوز أن يمثل بشيء من خلقه .

[ ص: 106 ] ومثل قياس الشمول المعروف عند المناطقة بأنه الاستدلال بكلي على جزئي بواسطة اندراج ذلك الجزئي مع غيره تحت هذا الكلي .

فهذا القياس مبني على استواء الأفراد المندرجة تحت هذا الكلي ، ولذلك يحكم على كل منها بما حكم به عليه .

ومعلوم أنه لا مساواة بين الله عز وجل وبين شيء من خلقه .

وإنما يستعمل في حقه تعالى قياس الأولى ، ومضمونه أن كل كمال ثبت للمخلوق وأمكن أن يتصف به الخالق ؛ فالخالق أولى به من المخلوق ، وكل نقص تنزه عنه المخلوق ؛ فالخالق أحق بالتنزه عنه .

وكذلك قاعدة الكمال التي تقول : إنه إذا قدر اثنان : أحدهما موصوف بصفة كمال ، والآخر يمتنع عليه أن يتصف بتلك الصفة ؛ كان الأول أكمل من الثاني ، فيجب إثبات مثل تلك الصفة لله ما دام وجودها كمالا وعدمها نقصا .

التالي السابق


الخدمات العلمية