صفحة جزء
( وقوله : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

[ ص: 129 ] وقوله : إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) .


ش قوله : ( ليس كمثله شيء . . ) إلخ ؛ دل إثبات صفتي السمع والبصر له سبحانه بعد نفي المثل عنه ، على أنه ليس المراد من نفي المثل نفي الصفات ؛ كما يدعي ذلك المعطلة ، ويحتجون به باطلا ، بل المراد إثبات الصفات مع نفي مماثلتها لصفات المخلوقين .

قال العلامة ابن القيم رحمه الله : ( قوله : ليس كمثله شيء . . إنما قصد به نفي أن يكون معه شريك أو معبود يستحق العبادة والتعظيم ؛ كما يفعله المشبهون والمشركون ، ولم يقصد به نفي صفات كماله ، وعلوه على خلقه ، وتكلمه بكتبه ، وتكلمه لرسله ، ورؤية المؤمنين له جهرة بأبصارهم كما ترى الشمس والقمر في الصحو . . ) اهـ .

ومعنى السميع : المدرك لجميع الأصوات مهما خفتت ، فهو يسمع السر والنجوى بسمع هو صفة لا يماثل أسماع خلقه .

ومعنى البصير : المدرك لجميع المرئيات من الأشخاص والألوان مهما لطفت أو بعدت ، فلا تؤثر على رؤيته الحواجز والأستار ، وهو من فعيل بمعنى مفعل ، وهو دال على ثبوت صفة البصر له سبحانه على الوجه الذي يليق به .

[ ص: 130 ] روى أبو داود في ( سننه ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : إن الله كان سميعا بصيرا ، فوضع إبهامه على أذنه ، والتي تليها على عينيه .

ومعنى الحديث أنه سبحانه يسمع بسمع ، ويرى بعين ، فهو حجة على بعض الأشاعرة الذين يجعلون سمعه علمه بالمسموعات ، وبصره علمه بالمبصرات ، وهو تفسير خاطئ ؛ فإن الأعمى يعلم بوجود السماء ولا يراها ، والأصم يعلم بوجود الأصوات ولا يسمعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية