صفحة جزء
( وقوله : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ، وقوله : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، وقوله : أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون [ ص: 153 ] ، إنني معكما أسمع وأرى ، ألم يعلم بأن الله يرى ، الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم ، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون .


ش قوله : ( قد سمع الله . . ) إلخ ؛ هذه الآيات ساقها المؤلف لإثبات صفات السمع والبصر والرؤية .

أما السمع ؛ فقد عبرت عنه الآيات بكل صيغ الاشتقاق ، وهي : سمع ، ويسمع ، وسميع ، ونسمع ، وأسمع ، فهو صفة حقيقية لله ، يدرك بها الأصوات ؛ كما قدمنا .

وأما البصر ؛ فهو الصفة التي يدرك بها الأشخاص والألوان ، والرؤية لازمة له ، وقد جاء في حديث أبي موسى : يا أيها الناس ! أربعوا على أنفسكم ؛ إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، ولكن تدعون سميعا بصيرا ، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته .

[ ص: 154 ] وكل من السمع والبصر صفة كمال ، وقد عاب الله على المشركين عبادتهم ما لا يسمع ولا يبصر .

وقد نزلت الأولى في شأن خولة بنت ثعلبة حين ظاهر منها زوجها ، فجاءت تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحاوره ، وهو يقول لها : ما أراك إلا قد حرمت عليه .

أخرج البخاري في ( صحيحه ) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : ( الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ؛ لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية من البيت ما أسمع ما تقول ، فأنزل الله عز وجل : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها . . الآيات ) .

وأما الآية الثانية ؛ فقد نزلت في فنحاص اليهودي الخبيث ، حين قال لأبي بكر رضي الله عنه لما دعاه إلى الإسلام : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من حاجة من فقر ، وإنه إلينا لفقير ، ولو كان غنيا ما استقرضنا ! [ ص: 155 ] وأما الآية الثالثة ؛ فـ ( أم ) بمعنى ( بل ) ، والهمزة للاستفهام ، فهي ( أم ) المنقطعة ، والاستفهام إنكاري يتضمن معنى التوبيخ ، والمعنى : بل أيظن هؤلاء في تخفيهم واستتارهم أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ؛ بلى نسمع ذلك ، وحفظتنا لديهم يكتبون ما يقولون وما يفعلون .

وأما الآية الرابعة ؛ فهي خطاب من الله عز وجل لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام حين شكوا إلى الله خوفهما من بطش فرعون بهما ، فقال لهما : لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى وأما الآية الخامسة ؛ فقد نزلت في شأن أبي جهل لعنه الله حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند البيت ، فنزل قوله تعالى : أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى . . إلخ السورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية