مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
الثالث عشر : ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش أن رحمتي سبقت غضبي " وفي لفظ : " فهو عنده موضوع على العرش " ، فتأمل قوله : " فهو عنده فوق العرش " هل يصح حمل الفوقية على المجاز وفوقية الرتبة والفضيلة بوجه من الوجوه ؟

وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) بقوله : " أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء " فجعل كمال الظهور موجبا لكمال الفوقية ، ولا ريب أنه ظاهر بذاته فوق كل شيء ، والظهور هنا العلو ، ومنه قوله : ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) أي : يعلوه ، وقرر هذا المعنى بقوله : " فليس فوقك شيء " أي أنت فوق الأشياء كلها ليس لهذا اللفظ معنى غير ذلك ، ولا يصح أن يحمل الظهور على الغلبة لأنه قابله بقوله : وأنت الباطن .

فهذه الأسماء الأربعة متقابلة : اسمان لأزل الرب تعالى وأبده ، واسمان لعلوه وقربه ، وروى أبو داود بإسناد حسن عنده عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت المواشي فاستق لنا ربك فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك ، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ، قال : ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه ، شأن الله أعظم من ذلك ، ويحك أتدري ما الله ؟ إن الله فوق عرشه ، وعرشه فوق سماواته ، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب " .

[ ص: 435 ] فتأمل هذا السياق هل يحتمل غير الحقيقة بوجه من الوجوه ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ رضي الله عنه : " لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سماوات " ، وقول زينب رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم : " زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات " لا يصح فيه فوقية المجاز أصلا إذ يصير المعنى : زوجني الله حال كونه أفضل من سبع سماوات .

وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر بعجوز فاستوقفته فوقف يحدثها فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، حبست الناس على هذه العجوز ، فقال : ويحك ، أتدري من هذه ؟ هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات ، هذه خولة التي أنزل الله فيها ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) أخرجه الدارمي وغيره .

فسل المعطل هل يصح أن يكون المعنى سمع الله قولها حال كونه خيرا وأفضل من سبع سماوات ؟

وروى أبو القاسم اللالكائي والبيهقي وغيرهما بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال : " ما بين السماء القصوى والدنيا خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء كذلك ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش ، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم " رواه الطبراني وابن المنذر ، وعبد الله بن أحمد وابن عبد البر ، وأبو عمر الطلمنكي وأبو أحمد العسال ، وهذا تفسير قوله ( وهو القاهر فوق عباده ) وروى [ ص: 436 ] أبو القاسم الطبراني عن ابن مسعود أيضا قال : " إن العبد ليهم بالأمر من التجارة والإمارة حتى إذا تيسر له نظر الله إليه من فوق سبع سماوات فيقول للملائكة : اصرفوا عنه ، فإني إن يسرته له أدخلته النار " وإسناده صحيح .

ولم يزل السلف الصالح يطلقون مثل هذه العبارة إطلاقا لا يحتمل غير الحقيقة ، فثبت عن مسروق أنه كان إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها يقول : حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة من فوق سبع سماوات ، وروى يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن كعب قال : قال الله تعالى في التوراة : " أنا الله فوق عبادي ، وعرشي فوق جميع خلقي ، وأنا على عرشي أدبر أمر عبادي ، ولا يخفى علي شيء في السماء ولا في الأرض " ورواه ابن بطة وأبو الشيخ وغيرهما بإسناد صحيح .

وهب أن المعطل يكذب كعبا ويرميه بالتجسيم ، فكيف حدث به عنه هؤلاء الأعلام مثبتين له غير منكرين ؟ وذكر أبو نعيم بإسناد صحيح عن مالك بن دينار أنه كان يقول خذوا ، ويقرأ ويقول : اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه إيمانا بكلامه وعلوه على عرشه ، وصح عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) الآية ، قال : هو فوق العرش وعلمه معهم أينما كانوا ، وصح عن جرير أنه لما قصد عبد الملك ليمدحه قال له : ما جاء بك جرير ؟ قال :

أتى بي لك الله الذي فوق عرشه ونور وإسلام عليك دليل

وفي كتاب العرش لابن أبي شيبة أن داود عليه السلام كان يقول في دعائه : " اللهم أنت ربي تعاليت فوق عرشك ، وجعلت خشيتك على من في السماوات والأرض " وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني محمد بن علي الجوهري ، حدثنا إبراهيم ابن الهيثم حدثنا محمد بن كثير المصيصي قال : سمعت الأوزاعي يقول : كنا والتابعين متوافرون نقول : إن الله فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته ورواته كلهم أئمة ثقات .

[ ص: 437 ] وذكر البيهقي عن مقاتل في قوله تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) هو الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء والظاهر فوق كل شيء والباطن أقرب من كل شيء ، وإنما يعني بالقرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه ( وهو بكل شيء عليم ) وصح عن عبد الله بن المبارك أنه قيل له : بم نعرف ربنا ؟ قال بأنه فوق سماواته على عرشه ، ولا نقول كما قالت الجهمية : إنا هاهنا ، يعني في الأرض .

وصح عن إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه قال : من لم يؤمن بأن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه وطرح على مزبلة . رواه الحاكم عنه في علوم الحديث والتاريخ .

وقال الإمام محمد بن يسار : بعث الله ملكا من الملائكة إلى نمرود فقال : هل تعلم يا عدو الله كم بين السماء والأرض ؟ قال لا ، قال إن بين الأرض إلى السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام ، وغلظها مثل ذلك ، إلى أن ذكر حملة العرش ( إلى أن قال ) وفوقهم يبدو العرش عليه ملك الملوك تبارك وتعالى ، أي عدو الله فأنت تطلع إلى ذلك ؟ ! ثم بعث عليه البعوضة فقتلته ، رواه أبو الشيخ في كتاب العظمة .

وقصة أبي يوسف مشهورة في استتابته لبشر المريسي لما أنكر أن يكون الله فوق العرش ( رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره ) وبشر لم ينكر أن الله أفضل من العرش وإنما أنكر ما أنكرته المعطلة أن ذاته تعالى فوق العرش ، وروى الدارقطني في الصفات وعبد الله بن أحمد في السنة بإسناد صحيح عن أبي الحسن بن العطار قال : سمعت محمد بن مصعب العابد يقول : من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك ، أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سماوات ، ليس كما يقول أعداؤك الزنادقة .

وفي وصية الشافعي : أنه أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، فذكر الوصية ( إلى أن قال فيها ) والقرآن كلام الله غير مخلوق ، وأنه يرى في الآخرة عيانا ، ينظر إليه المؤمنون وشك ويسمعون كلامه ، وأنه تعالى فوق عرشه ، ذكره الحاكم والبيهقي في مناقب الشافعي .

وقال الشافعي : السنة التي أنا عليها ورأيت أهل الحديث عليها ، مثل سفيان ومالك وغيرهما ، الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلى أن قال : وإن الله [ ص: 438 ] فوق عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء ، وينزل على سماء الدنيا كيف شاء ، ذكره الحافظ عبد الغني في كتاب اعتقاد الشافعي .

وقال حنبل : قلت لأبي عبد الله : ما معنى قوله تعالى : ( وهو معكم ) ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) قال : بعلمه محيط بالكل وربنا على العرش بلا حد ولا صفة ، أراد أحمد بنفي الصفة نفي الكيفية والتشبيه ، وبنفي الحد نفي حد يدركه العباد ويحدونه ، وقال أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي : سألت أبا حنفية عمن يقول لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض ، قال قد كفر ، لأن الله تعالى يقول ( على العرش استوى ) ولكن لا يدرى العرش في السماء أم في الأرض ، فقال : إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر ، وقال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان ، ذكره الطلمنكي وابن عبد البر وعبد الله بن أحمد وغيرهم .

الرابع عشر : أن هذا اتفاق من أهل الإسلام حكاه غير واحد ، منهم الإمام عثمان ابن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي ( قال في هذا الكتاب ) قال أهل السنة : إن الله بكماله فوق عرشه ، يعلم ويسمع من فوق العرش ، لا يخفى عليه خافية من خلقه ، وقال سعيد بن عامر الضبعي إمام أهل البصرة على رأس المائتين ، وذكر عنده الجهمية فقال : هم شر قولا من اليهود والنصارى ، قد اجتمع أهل الأديان من المسلمين وغيرهم على أن الله فوق السماوات على العرش ، وقالوا هم : ليس على العرش شيء .

وقال الإمام الحافظ الزاهد أبو عبد الله بن بطة في كتاب الإبانة له : باب الإيمان : بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بخلقه : أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين أن الله على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه ، وقال أبو نصر السجزي الحافظ في كتاب الإبانة : وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وابن المبارك وفضيل بن عياض وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته وأن علمه بكل مكان .

وقال أبو نعيم الحافظ صاحب الحلية في الاعتقاد الذي ذكر أنه اعتقاد السلف وإجماع الأمة ، قال فيه : وإن الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش واستواء الله تعالى عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل وأن الله بائن من خلقه ، وخلقه بائنون منه ، لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم ، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أرضه .

[ ص: 439 ] وقال الإمام أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة : الذي يذهب إليه أهل العلم أن الله عز وجل على عرشه فوق سماواته ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقد أحاط بجميع ما خلق في السماوات العلى ، وبجميع ما في سبع أرضين .

وكذلك أبو الحسن الأشعري نقل الإجماع على أن الله استوى على عرشه .

الخامس عشر : أنه سبحانه لو لم يتصف بفوقية الذات مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم لكان متصفا بضدها ، لأن القابل للشيء لا يخلو منه أو من ضده ، وضد الفوقية السفول ، وهو مذموم على الإطلاق ، وهو إبليس وجنوده .

فإن قيل : لا نسلم أنه قابل الفوقية حتى يلزم من نفيها ثبوت ضدها ، قيل لو لم يكن قابلا للفوقية والعلو لم يكن له حقيقة قائمة بنفسها ، فمتى أقررتم بأنه ذات قائم بنفسه غير مخالط للعالم ، وأنه موجود في الخارج ليس وجوده ذهنيا فقط ، بل وجوده خارج الأذهان ، فقد علم العقلاء بالضرورة أن ما كان وجوده خارج الأذهان ، فهو إما في هذا العالم وإما خارج عنه ، وإنكار ذلك إنكار لما هو من أجلى البديهيات ، فلا يستدل على ذلك بدليل إلا كان العلم بالمباينة أوضح منه ، وإذا كان العلو والفوقية صفة كمال لا نقص فيه ولا يستلزم نقصا ولا يوجب محذورا ، ولا يخالف كتابا ولا سنة ولا إجماعا ، فنفي حقيقتها عين الباطل ، فكيف إذا كان لا يمكن الإقرار بوجود الصانع وتصديق رسله والإيمان بكتابه وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بذلك ، فكيف إذا شهدت بذلك العقول السليمة والفطر المستقيمة ، وحكمت به القضايا البديهيات والمقدمات اليقينيات ، فلو لم يقبل العلو والفوقية لكان كل عال على غيره أكمل منه ، فإن ما يقبل العلو أكمل مما لا يقبله .

الوجه السادس عشر : إنه لو كانت فوقيته سبحانه مجازا لا حقيقة لها لم يتصرف في أنواعها وأقسامها ولوازمها ، ولم يتوسع فيها غاية التوسع ، فإن فوقية الرتبة والفضيلة لا يتصرف في تنويعها إلا بما شاكل معناها ، نحو قولنا : هذا خير من هذا وأفضل وأجل وأعلى قيمة ونحو ذلك ، وأما فوقية الذات فإنها تتنوع بحسب معناها ، فيقال فيها استوى وعلا وارتفع ، وصعد ويعرج إليه كذا ويصعد إليه وينزل من عنده ، وهو عال على كذا ورفيع الدرجات ، وترفع إليه الأيدي ، ويجلس على كرسيه ، وأنه يطلع على عباده من فوق سبع سماواته وأن عباده يخافونه من فوقهم ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يبرم القضاء من فوق عرشه ، وأنه دنا من رسوله وعبده لما عرج به إلى فوق [ ص: 440 ] السماوات حتى صار قاب قوسين أو أدنى ، وأن عباده المؤمنين إذا نظروا إليه في الجنة رفعوا رءوسهم ، فهذه لوازم الأنواع كلها ، أنواع فوقية الذات ولوازمها لا أنواع فوقية الفضيلة والمرتبة ، فتأمل هذا الوجه حق التأمل تعلم أن القوم أفسدوا اللغة والفطرة والعقل والشرع .

الوجه السابع عشر : إنه لو كانت فوقية الرب تبارك وتعالى مجازا لا حقيقة لها لكان صدق نفيها أصح من صدق إطلاقها ، ألا ترى أن صحة نفي اسم الأسد عن الرجل الشجاع ، واسم البحر عن الجواد ، واسم الجبل عن الرجل الثابت ونحو ذلك ، أظهر وأصدق من إطلاق تلك الأسماء ، فلو كانت فوقيته واستواؤه وكلامه وسمعه وبصره ووجهه ومحبته ورضاه وغضبه مجازا لكان إطلاق القول بأنه ليس فوق العرش ولا استوى عليه ، ولا هو العلي ولا الرفيع ، ولا هو في السماء ولا ينزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء ، ولا تكلم ولا أمر ولا نهى ، ولا يسمع ولا يبصر ، ولا له وجه ولا رحمة ، ولا يرضى ولا يغضب أصح من إطلاق ذلك ، وأدنى الأحوال أن يصح النفي كما يصح الإطلاق المجازي ومعلوم قطعا أن إطلاق هذا النفي تكذيب صريح لله ولرسوله ، ولو كانت هذه الإطلاقات إنما هي على سبيل المجاز لم يكن في نفيها محذور ، لا سيما ونفيها عن التنزيه والتعظيم ، وسوغ إطلاق المجاز للوهم الباطل ، بل الكفر والتشبيه والتجسيم ، فهل في الظن السعي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والأئمة فوق هذا .

فإن قيل : نحن لا نطلق هذا أدبا مع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

قيل : الأدب لا يمنع صحة الإطلاق وإن ترك أدبا ، كما إذا قيل : إنا لا نطلق على هذا القاضي المعروف أنه معزول أدبا معه ولا من السلطان إذا مرض أنه مريض أدبا معه ولا على الأمير إنه قد عمي أدبا معه ، فهذا الأدب إنما هو عن إمساك التكلم بهذا اللفظ لا عن صحة إطلاقه فنسألكم هل يصح إطلاق هذا النفي عندكم لغة أو عقلا أم لا ، فإن قلتم إطلاقه يوهم نفي المعنى المجازي فيكون ممتنعا ، قيل فلا يمتنع حينئذ أن تقولوا ليس بمستو على عرشه حقيقة ، ولا هو فوق العالم حقيقة ، ولا القرآن كلامه حقيقة ، ولا هو آمر ولا ناه حقيقة ، ولا هو عالم حي حقيقة ، كما يصح أن يقال : ليس هذا الرجل بأسد حقيقة ، ولا ريب أنكم لا تتحاشون من هذا النفي عن الله ، لكن تمسكون عنه خوف الشناعة ، وهيهات الخلاص لكم منها ، وقد أنكرتم حقائق أسمائه وصفاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية