المثال العاشر : مما يظن أنه مجاز وليس بمجاز لفظ (  
النداء الإلهي     ) وقد تكرر في الكتاب والسنة تكرارا مطردا في محاله متنوعا يمنع حمله على المجاز ، فأخبر تعالى أنه نادى الأبوين في الجنة ونادى كليمه ، وأنه ينادي عباده يوم القيامة ، وقد ذكر سبحانه النداء في تسعة مواضع في القرآن أخبر فيها عن ندائه بنفسه ، ولا حاجة إلى أن يقيد النداء بالصوت ، فإنه بمعناه وحقيقته باتفاق أهل اللغة ، فإذا انتفى الصوت انتفى النداء قطعا ، ولهذا جاء إيضاحه في الحديث الصحيح الذي بلغناه الصحابة والتابعون وتابعوهم وسائر الأمة تلقته بالقبول وتقييده بالصوت إيضاحا وتأكيدا كما قيد التكليم بالمصدر في قوله تعالى : (  
وكلم الله موسى تكليما     ) .  
قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في صحيحه : حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  بن  
غياث  حدثنا أبي حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش  حدثنا  
أبو صالح  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347446يا  آدم   ، فيقول لبيك وسعديك ، فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار     "      
[ ص: 488 ] وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري     : حدثنا  
الحميدي   nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني  قالا : حدثنا  
سفيان  حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار  قال : سمعت  
عكرمة  يقول سمعت  
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة  يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347447إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير     " الحديث رواه  
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  في التفسير  
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  وأبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  ، وقال حديث حسن صحيح .  
وروى  
أبو داود  من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=16596علي بن الحسين بن إشكاب  ، حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية الضرير  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=11870مسلم بن صبيح  عن  
مسروق  عن  
عبيد الله  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347448إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيضعون ، ولا يزالون كذلك حتى يأتيهم  جبرائيل   ، فإذا جاءهم  جبرائيل   فزع عن قلوبهم فيقولون : يا  جبرائيل      : ماذا قال ربكم ؟ قال الحق ، فينادون الحق الحق     " وهذا الإسناد كلهم أئمة ثقات .  
وقد فسر الصحابة هذه الآية بما يوافق هذا الحديث الصحيح ، فقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=13507أبو بكر بن مردويه  في تفسيره : حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=13456أحمد بن كامل بن خلف  حدثنا  
محمد بن كامل بن خلف  حدثنا  
محمد بن سعد  حدثنا أبي حدثنا عمي حدثنا أبي عن أبيه  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  في قوله تعالى : (  
حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير     ) قال لما أوحى الجبار جل جلاله إلى  
محمد   صلى الله عليه وسلم دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي فسمعت الملائكة صوت الجبار يتكلم بالوحي ، فلما كشف عن قلوبهم فسألوه عما قال الله تعالى قالوا : الحق ، علموا أن الله تعالى لا يقول إلا حقا ، وأنه منجز ما وعد ، قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس     : وصوت الوحي كصوت الحديد على  
الصفا   ، فلما سمعوه خروا سجدا ، فلما رفعوا رءوسهم قالوا ماذا قال ربكم ، قالوا الحق هو العلي الكبير     .   
[ ص: 489 ] وهذا إسناد معروف يروي به  
 nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير   nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم   nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد  وغيرهم التفسير وغيره عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، وهو إسناد متداول بين أهل العلم وهم ثقات .  
وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك  ، حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=15579بهز بن حكيم  عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  
لما نزل  جبرائيل   بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فزع أهل السماوات لانحطاطه ، وسمعوا صوت الوحي كأشد ما يكون من صوت الحديد على  الصفا   فكلما مروا بأهل سماء فزع عن قلوبهم ، فيقولون يا  جبرائيل   بم أمرت ؟ فيقول كلام الله بلسان عربي     .  
وقد روينا في مسند  
 nindex.php?page=showalam&ids=12201أبي يعلى الموصلي  ، حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ  ، حدثنا  
همام  حدثنا  
القاسم بن عبد الواحد  ، قال حدثني  
 nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن عقيل بن أبي طالب  أن  
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبـد الله  حدثه ، قال  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347450بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم أسمعه منه " قال فابتعت بعيرا فشددت عليه رحلي فسرت إليه شهرا حتى أتيت  الشام   ، فإذا هو  عبد الله بن أنيس الأنصاري  ، فأرسلت إليه أن  جابرا  على الباب ، قال فرجع إلى الرسول ، فقال :   nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله  ؟ فقلت : نعم ، قال فرجع الرسول فخرج إلي فاعتنقني واعتنقته ، فقلت : حديثا بلغني أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المظالم لم أسمعه ، فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يحشر الله العباد أو قال يحشر الله الناس قال وأومأ بيده إلى  الشام   عراة غرلا بهما ، قلت ما بهما ؟ قال ليس معهم شيء ، قال : فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان ، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ، وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة ، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة ، قال : قلنا كيف هذا وإنما نأتي الله غرلا بهما ؟ قال بالحسنات والسيئات     " هذا حديث حسن جليل ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=13371وعبد الله بن محمد بن عقيل  صدوق حسن الحديث ، وقد احتج به غير واحد من الأئمة ، وتكلم فيه من قبل حفظه ، وهذا الضرب ينتفي من      
[ ص: 490 ] حديثهم ما خالفوا فيه الثقات ، ورووا ما يخالف روايات الحفاظ وشذوا عنهم ، وأما إذا روى أحدهم ما شواهده أكثر من أن تحصر مثل هذا الحديث ، فلا ريب في قبول حديثه ، أما  
القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي  فحسن الحديث أيضا ، وقد احتج به  
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  مع تشدده في الرجال وأن له فيهم شرطا أشد من شرط  
مسلم  ، وحسن  
الترمذي  حديثه وذكره  
 nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان  في كتاب الثقات .  
وقد روى هذا الحديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى  بإسناده بطوله محتجا به على من رده ، وروى  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  أوله في الصحيح مستشهدا به تعليقا ، ورواه في كتاب الأدب بطوله من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى  وقال في حديث واحد ، ورواه  
الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي  في كتابه في الأحاديث المختارة ، وسمعت شيخ الإسلام  
ابن تيمية  قدس الله روحه يقول : هي أصح من صحيح  
الحاكم  ، وقال  
الصريفيني     : شرطه فيها خير من شرط  
الحاكم  ورواه  
عبد الله بن أحمد  في السنة  
 nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني  في المعجم والسنة  
 nindex.php?page=showalam&ids=12510وأبو بكر بن أبي عاصم  في السنة محتجين به ، فمن الناس سوى هؤلاء الأعلام سادات الإسلام ولا التفات إلى ما أعله به بعض  
الجهمية   ظلما منه وهضما للحق ، حيث ذكر كلام المضعفين  
لعبد الله بن عقيل   nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد  دون من وثقهما وأثنى عليهما ، فيوهم الغر أنهما مجمع على ضعفهما لا يحتج بحديثهما ، ثم أعله بأن
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  لم يجزم به ، وإنما علقه تعليقا فقال : ويذكر عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله  ، وليس هذا تعليلا من  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  له فقد جزم به في أول الكتاب حيث قال : ورحل  
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله  في طلب حديث واحد شهرا ، ورواه كما ذكرنا في الأدب بإسناده وأعله بأن  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ومسلما  يحتجا  
بابن عقيل  ، وهذه علة باردة باطلة ، كل أهل الحديث على بطلانها ، وأعله باضطراب ألفاظه ، ففي بعضها يقول : " فقدمت  
الشام      " ، وفي بعضها " فينادي " بكسر الدال ، وفي بعضها " فينادى " بفتحها ، وفي بعضها " حديث بلغني أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه " ، وفي بعضها " فما أحد يحفظه غيرك ، فأحببت أن تذاكرنيه " ، قال : وهذا يشعر أنه سمعه أيضا وأحب مذاكرة  
عبد الله بن أنيس  له به ، قال : وفي بعضها رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعضها يسميه  
بعبد الله بن أنيس     .  
ومن تأمل هذه العلل الباردة علم أنها من باب التعنت ، فهب أن هذا الحديث معلول أفيلزم من ذلك بطلان سائر الآثار الموقوفة والأحاديث المرفوعة ، ونصوص القرآن وكلام أئمة الإسلام كما ستراه إن شاء الله تعالى ، وقد رواه الحافظ  
أبو عبد الله   [ ص: 492 ] محمد بن عبد الواحد المقدسي  من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر  عن  
جابر  قال : بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث من القصاص فذكر القصة إلى أن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "  
فإن الله يبعثكم يوم القيامة من قبوركم حفاة عراة غرلا بهما ، ثم ينادى بصوت رفيع غير فظيع يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ، فيقول : أنا الديان لا تظالم اليوم ، أما وعزتي لا يجاورني اليوم ظلم ظالم ، ولو لطمة كف بكف أو يد على يد ، ألا وإن أشد ما أتخوف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط ، فلترتقب أمتي العذاب إذا تكافأ النساء بالنساء والرجال بالرجال     " ورواه  
تمام  في فوائده .  
ويكفي رواية  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في صحيحه مستشهدا به ، واحتج به في خلق أفعال العباد ، ورواه أئمة الإسلام في كتب السنة وما زال السلف يروونه ، ولم يسمع عن أحد من أئمة السنة أنه أنكره حتى جاءت  
الجهمية   فأنكروه ، ومضى على آثارهم من اتبعهم في ذلك .  
وقال قال  
عبد الله بن أحمد  في كتاب السنة : قلت لأبي يا أبت إنهم يقولون إن الله لم يتكلم بصوت ، فقال بلى تكلم بصوت .  
وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في كتاب خلق أفعال العباد : ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم  
أنه كان يحب أن يكون الرجل خفيا من الصوت ، ويكره أن يكون رفيع الصوت  أو "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347453أن الله ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب     " ، وليس هذا لغير الله عز وجل ، قال : وفي هذا دليل أن  
صوت الله لا يشبه أصوات الخلق     ; لأن صوت الله يسمع من بعد كما يسمع من قرب ، وأن الملائكة يصعقون من صوته ، ثم ساق حديث  
جابر  أنه سمع  
عبد الله بن أنيس  يقوله : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347454يحشر العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب : أنا الملك أنا الديان . . .     " الحديث .  
ثم احتج بحديث  
أبي سعيد  عن النبي صلى الله عليه وسلم "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347455يقول الله يوم القيامة : يا  آدم   ، فيقول لبيك ربنا وسعديك ، فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار . . .     " الحديث .   
[ ص: 492 ] ثم احتج بحديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود     "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347456إذا قضى الله في السماء أمرا ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان     " .  
فهذان إماما أهل السنة على الإطلاق :  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل   nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري  ، وكل أهل السنة والحديث على قولهما ، وقد صرح بذلك وحكاه إجماعا  
 nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب بن إسماعيل  صاحب  
أحمد  وإسحاق  ، وصرح به  
 nindex.php?page=showalam&ids=15821خشيش بن أصرم   nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=16940ومحمد بن حاتم المصيصي  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=16408وعبد الله بن الإمام أحمد   nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود السجستاني  وابنه  
أبو بكر     .  
وقد احتج  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  بحديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  وغيره ، وأخبر أن المنكرين لذلك هم  
الجهمية   ، فقال  
عبد الله بن أحمد     : سألت أبي عن قوم يقولون : " لما كلم الله  
موسى   لم يتكلم بصوت " ، فقال أبي : تكلم الله بصوت ، وروى إمام الأمة  
 nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق بن خزيمة  من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي  قال : أرواه عن  
جابر  حديثا طويلا وفيه "  
فبينا هم على ذلك إذ أتاهم نداء من قبل الرحمن عز وجل : عبادي ما كنتم تعبدون في الدنيا ؟ فيقول : أنت أعلم إياك نعبد ، فيأتيهم صوت لم يسمع الخلائق بمثله : عبادي صدقتم فقد رضيت عنكم ، فتقول الملائكة عند ذلك بالشفاعة ، فيقول المشركون : ما لنا من شافعين     " . وروى  
 nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة  من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  
يقبض الله تعالى الأرض يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ثم يهتف بصوته : من كان لي شريكا فليأت ، لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه أحد ، فيقول : لله الواحد القهار ، ثم يزجر الخلائق زجرة أخرى فإذا هم بالساهرة . . .     " الحديث ، وقطعة من حديث الصور الطويل ، ولم يزل الأئمة يروونه ويحتجون به حتى حدثت  
الجهمية      .  
وروى  
 nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة  من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد  ، حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم  ، عن  
عبد الرحمن بن زيد بن جابر  ، عن  
أبي زكريا  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=15889رجاء بن حيوة  عن  
النواس بن سمعان  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  
إذا أراد الله أن يوحي بالأمر فتكلم بالوحي . . .     " الحديث ، قال  
ابن خزيمة : ابن أبي زكريا هو عبد الله     .  
وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد     : حدثنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=15164عبد الرحمن بن محمد المحاربي  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش  عن  
مسلم  عن  
مسروق  عن  
عبد الله  قال : إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء فيخرون سجدا حتى إذا فزع عن قلوبهم ، قال سكن عن قلوبهم ، نادى أهل السماء أهل      
[ ص: 493 ] السماء : ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحق ، قال كذا وكذا  ، رواه  
عبد الله بن أحمد  في كتاب السنة عن أبيه وفي تفسير  
شيبان  عن  
قتادة  في تفسير قوله : (  
فلما جاءها نودي أن بورك من في النار     ) قال صوت رب العالمين ، وذكره  
 nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة  ، وروى  
عبد الله بن أحمد  عن  
نوف  قال : نودي  
موسى   من  
شاطئ الوادي   ، قال : من أنت الذي تناديني ؟ قال : أنا ربك الأعلى  ، وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد     : حدثنا  
إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه  حدثنا  
عبد الصمد  قال :  سمعت  
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه  قال : لما رأى  
موسى   النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا ، فذكر الحديث إلى أن قال : فنودي من الشجرة ، فقيل له يا  
موسى   فأجاب سريعا ولا يدري من دعاه ، وما كان سرعة جوابه إلا استئناسا بالإنس ، فقال لبيك مرارا ، إني أسمع صوتك وأحس وجسك ، ولا أرى مكانك ، فأين أنت ؟ قال أنا فوقك ومعك وأمامك وأقرب إليك منك ، فلما سمع  
موسى   هذا علم أنه لا ينبغي ذلك إلا لربه تبارك وتعالى فأيقن به ، فقال كذلك أنت إلهي أسمع أم بكلام رسولك ؟ فقال : بل أنا الذي أكلمك فادن مني  ، الحديث قد رواه  
 nindex.php?page=showalam&ids=16340عبد الرحمن بن حميد  في تفسيره  
 nindex.php?page=showalam&ids=14909ويعقوب بن سفيان الفسوي     .  
وفي الصحيحين عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347460إذا أحب الله عبدا نادى  جبرائيل   إن الله قد أحب فلانا فأحبه . . .     " الحديث ، والذي تعقله الأمم من النداء إنما هو الصوت المسموع كما قال الله تعالى : (  
واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب     ) وقال : (  
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات     ) وهذا النداء هو رفع أصواتهم الذي نهى الله عنه المؤمنين وأثنى عليهم بغضها بقوله : (  
إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله     ) الآية .  
وكل ما في القرآن العظيم من ذكر كلامه وتكليمه وأمره ونهيه دال على أنه تكلم      
[ ص: 494 ] حقيقة لا مجازا ، وكذلك نصوص الوحي الخاص كقوله تعالى : (  
إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح     ) .  
قال  
الجارودي     : سمعت  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  يقول : أنا مخالف  
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  في كل شيء حتى في قوله لا إله إلا الله ، أنا أقول لا إله إلا الله الذي كلم  
موسى   من وراء حجاب ، وهو يقول : لا إله إلا الله الذي خلق كلاما أسمعه  
موسى      .  
وقد نوع الله تعالى هذه الصفة في إطلاقها عليه تنويعا يستحيل معه نفي حقائقها ، بل ليس في الصفات الإلهية أظهر من صفة الكلام والعلو والفعل والقدرة ، بل حقيقة الإرسال تبليغ كلام الرب تبارك وتعالى ، وإذا انتفت عنه حقيقة الكلام انتفت حقيقة الرسالة والنبوة ، والرب تبارك وتعالى يخلق بقوله وكلامه كما قال تعالى : (  
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون     ) فإذا انتفت  
حقيقة الكلام  عنه انتفى الخلق ، وقد عاب الله آلهة المشركين بأنها لا تكلم ولا تكلم عابديها ولا ترجع إليهم قولا ،
والجهمية   وصفوا الرب تبارك وتعالى بصفة هذه الآلهة ، وقد ضرب الله تعالى لكلامه واستمراره ودوامه المثل بالبحر يمده من بعده سبعة أبحر ، وأشجار الأرض كلها أقلام ، فيفنى المداد والأقلام ولا تنفد كلماته ، أفهذا صفة من لا يتكلم ولا يقوم به كلام ؟ فإذا كان كلامه وتكليمه ، وخطابه ونداؤه ، وقوله وأمره ، ونهيه ووصيته ، وعهده وإذنه ، وحكمه وأنباؤه ، وأخباره وشهادته كل ذلك مجاز لا حقيقة له بطلت الحقائق كلها ، فإن الحقائق إنما حقت بكلمات تكوينه (  
ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون     ) فما حقت الحقائق إلا بقوله وفعله .