مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
[ ص: 36 ] السادس : أن يقال : من أين في ظاهر القرآن إثبات جنب واحد هو صفة لله ؟ ومن المعلوم أن هذا لا يثبته أحد من بني آدم ، وأعظم الناس إثباتا للصفات هم أهل السنة والحديث ، لا يثبتون أن لله تعالى جنبا واحدا ولا ساقا واحدا .

قال عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي :

وادعاء المعارض زورا على قوم أنهم يقولون في تفسير قوله تعالى : ( ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله ) أنهم يعنون بذلك الجنب الذي هو العضو وليس ذلك على ما يتوهمونه ، قال الدارمي : فيقال لهذا المعارض : ما أرخص الكذب عندك وأخفه على لسانك : فإن كنت صادقا في دعواك فأشر بها إلى أحد من بني آدم ، قال : وإلا فلم تشنع بالكذب على قوم هم أعلم بهذا التفسير منك ، إنما تفسيرها عندهم : تحسر الكفار على ما فرطوا في الإيمان والفضائل التي تدعو إلى ذات الله واختاروا عليها الكفر والسخرية ، فمن أنبأك أنهم قالوا : جنب من الجنوب ؟ فإنه لا يجهل هذا المعنى كثير من عوام المسلمين فضلا عن علمائهم ، وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : " الكذب مجانب للإيمان " وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " لا يجوز الكذب جدا ولا هزلا " وقال الشعبي : " من كان كاذبا فهو منافق " .

والتفريط فعل أو ترك فعل ، وهذا لا يكون قائما بذات الله لا بجنب ولا غيره ، بل لا يكون منفصلا عن الله تعالى ، وهو معلوم بالحس والمشاهدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية