( قول
الحسين بن أحمد الأشعري ) : المتكلم من متكلمي أهل الحديث صاحب جامع الكبير والصغير في أصول الدين ، قال في جامعه الصغير : فإن قيل : ما
الدليل على أن الله تعالى [ ص: 304 ] على العرش بذاته ؟ قلنا : قوله تعالى : (
ثم استوى على العرش الرحمن ) فإن قالوا : فإن العرب يقولون : استوى فلان على بلد كذا وكذا إذا استولى عليه وقهر ؟ قلنا لأصحابنا عن هذا أجوبة :
أحدها : أنه لو كان استوى بمعنى استولى لم يكن لتخصيصه العرش بالاستواء معنى ، لأنه مستول على كل شيء غيره فكان يجوز أن يقال : الرحمن على الجبل استوى وهذا باطل .
الثاني : أن العرب لا تدخل ثم إلا لأمر مستقبل سيكون والله تعالى لم يزل قاهرا قادرا مستوليا على الأشياء فلم يكن بزعمهم لقوله : (
ثم استوى على العرش ) معنى .
الثالث : أن الاستواء بمعنى الاستيلاء لا يكون عند العرب إلا بعد أن يكون ، ثم مغالب يغالبه فإذا غلبه وقهره قيل : قد استولى عليه ، فلما لم يكن مع الله مغالب لم يكن معنى استوائه على عرشه استيلائه عليه وغلبته ، وصح أن استواءه ( عليه ) هو علوه وارتفاعه عليه بلا حد ولا كيف ولا تشبيه . ثم ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12585وابن الأعرابي أن الاستواء في اللغة هو العلو والرفعة ; لأنهم يقولون : استوت الشمس إذا تعالت ، واستوى الرجل على ظهر دابته إذا علاها ، وقوله تعالى : (
واستوت على الجودي ) أي : ارتفعت عليه ، وقوله تعالى : (
ولما بلغ أشده واستوى ) أي : ارتفع عن حال النقصان إلى حال الكمال ، وقوله : استوى أمر فلان أي ارتفع وعلا عن الحال التي كان عليها من الضعف وسوء الحال وساق الكلام .