صفحة جزء
( حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، حدثنا يحيى بن عباد ) بفتح فتشديد ( عن فليح ) بضم فاء وفتح لام وسكون تحتية وحاء مهملة ( بن سليمان قال حدثني رجل من بني عباد ) قبيلة ( يقال له عبد الوهاب بن يحيى بن عباد ، عن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : ما كانت ) وفي نسخة ما كان ( الذراع أحب اللحم ) وفي نسخة بأحب اللحم ( إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي على الإطلاق لما سيأتي من قوله صلى الله عليه وسلم : إن أطيب اللحم لحم الظهر ( ولكنه كان لا يجد اللحم إلا غبا ) بكسر معجمة وتشديد موحدة أي وقتا دون وقت ، لا يوما بعد يوم ، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة قالت : كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا ، إنما هو التمر والماء إلا أن يؤتى باللحم .

[ ص: 266 ] ( وكان يعجل ) بفتح الجيم أي يسرع ( إليها ) أي إلى الذراع ( لأنها أعجلها ) أي أسرع اللحوم ( نضجا ) بضم أوله أي طبخا ، وضمير أعجلها إلى اللحوم المفهوم من قوله لا يجد اللحم ; لأنه مفرد محلى باللام فهو في معنى الجمع ، وجعله للحم ، والقول بأن تأنيثه باعتبار أنه قطعة لا يخلو عن بعد ، ولعل تعجيله صلى الله عليه وسلم إلى الذراع فراغه من أمر الأكل ، وتوجهه إلى أمر الآخرة ، وقال النووي : محبته صلى الله عليه وسلم الذراع لنضجها وسرعة استمرائها مع زيادة لذتها وحلاوة مذاقها ، وبعدها عن مواضع الأذى ، وقال ابن حجر : هذا بحسب ما فهمته عائشة رضي الله عنها ، وإلا فالذي دل عليه الأحاديث السابقة وغيرها أنه كان يحبه محبة غريزية طبيعية ، سواء فقد اللحم أم لا ، وكأنها أرادت بذلك تنزيه مقامه الشريف عن أن يكون له ميل إلى شيء من الملاذ ، وإنما سبب المحبة سرعة نضجها ، فيقل الزمن في الأكل ، ويتفرغ لمصالح المسلمين ، وعلى الأول فلا محذور في محبة الملاذ بالطبع ; لأن هذا من كمال الخلقة ، وإنما المحذور المنافي للكمال التفات النفس وعناؤها في تحصيل ذلك ، وتأثرها لفقده .

ومما كان يحبه صلى الله عليه وسلم أيضا الرقبة ، على ما ورد عن ضباعة بنت الزبير ، أنها ذبحت شاة فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن أطعمينا من شاتكم ، فقالت : ما بقي عندنا إلا الرقبة ، وإني لأستحيي أن أرسل بها ، فقال للرسول ارجع إليها ، فقال : أرسلي بها فإنها هادية الشاة ، وأقرب الشاة إلى الخير ، وأبعدها من الأذى .

فهي كلحم الذراع والعضد ، أخف على المعدة ، وأسرع هضما ، ومن ثمة ينبغي أن يؤثر من الغذاء ما كثر نفعه ، وتأثيره في القوى ، وخف على المعدة ، وكان أسرع انحدارا عنها وهضما ; لأن ما جمع ذلك أفضل الغذاء .

وورد بسند ضعيف أنه صلى الله عليه وسلم كان يكره الكليتين ، لمكانهما من البول ، قلت : رواه ابن السني في الطب عن ابن عباس .

وورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يكره من الشاة سبعا : المرارة ، والمثانة ، والحياء ، والذكر ، والأنثيين ، والغدة ، والدم ، وكان أحب الشاة إليه مقدمها ، رواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر ، والبيهقي عن مجاهد مرسلا ، وابن عدي والبيهقي عن مجاهد عن ابن عباس ، وكان يكره أن يأكل الضب ، رواه الخطيب عن عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية