صفحة جزء
( حدثنا يحيى بن موسى ، حدثنا عبد الله بن نمير ) بالتصغير ( حدثنا قيس بن الربيع ح ) إشارة إلى تحويل الإسناد ; ولذا عطف في قوله : ( وحدثنا قتيبة ، قال : حدثنا عبد الكريم الجرجاني ) بضم الجيم الأولى ( عن قيس بن الربيع ، عن أبي هاشم ) على زنة فاعل ، واختلف في اسمه ( عن زاذان ) بزاي وذال معجمة بين ألفين آخرها نون ( عن سلمان ) الفارسي ( قال : قرأت في التوراة ) أي قبل الإسلام ( أن بركة الطعام ) بفتح أن ويجوز كسرها ( الوضوء ) أي غسل اليدين ( بعده ) أي بعد أكل الطعام ( فذكرت ذلك ) أي المقروء المذكور ( للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبرته بما قرأت في التوراة ) عطف تفسيري ، ويمكن أن يكون المراد بقوله : فذكرت ذلك أني سألته ، هل بركة الطعام الوضوء بعده ، والحال أني أخبرته بما قرأته في التوراة من الاختصار على تقييد الوضوء بما بعد الطعام ، ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بركة الطعام الوضوء قبله ، والوضوء بعده ) وهذا يحتمل منه صلى الله عليه وسلم أن يكون إشارة إلى تحريف ما في التوراة ، وأن يكون إيماء إلى أن شريعته زادت الوضوء قبله أيضا استقبالا للنعمة بالطهارة المشعرة للتعظيم على ما ورد : " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، وبهذا يندفع ما قيل جوابه صلى الله عليه وسلم من أسلوب الحكيم .

وقال ميرك : المراد من الوضوء الأول غسل اليدين إطلاقا للكل على الجزء مجازا ، والحكمة فيه تعظيم نعمة الله ليبارك له فيه ; ولأن الأكل بعد غسل اليدين يكون أهنأ وأمرأ ; ولأن اليد لا تخلو عن تلوث في تعاطي الأعمال ، وغسلهما أقرب إلى النظافة والنزاهة ; ولأن الأكل يقصد به الاستعانة على العبادة فهو جدير بأن يجري مجرى الطهارة من الصلاة ، فيبتدأ فيه بغسل اليدين ، والمراد من الوضوء الثاني غسل اليدين والفم من الدسومات ، قال صلى الله عليه وسلم : " من بات وفي يده غمر بفتحتين ، ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه " .

أخرجه المؤلف في جامعه ، وابن ماجه في سننه ، وأبو داود بسند صحيح على شرط مسلم انتهى . وورد بسند ضعيف : " من أكل من هذه اللحوم شيئا فليغسل يده من ريح وغيره ، ولا يؤذي من حذاه " ، قيل : ومعنى : " بركة الطعام من الوضوء قبله " النمو والزيادة فيه نفسه ، وبعده النمو والزيادة في فوائدها وآثارها ، بأن يكون سببا لسكون النفس وقرارها وسببا للطاعات وتقوية [ ص: 285 ] للعبادات والأخلاق المرضية والأفعال السنية ، وجعله نفس البركة للمبالغة ، وإلا فالمراد أنها تنشأ عنه ، وأغرب بعض الشافعية ، وقال : المراد بالوضوء هنا ، الوضوء الشرعي وهو خلاف ما صرح به أصحاب المذاهب ، من أن الوضوء الشرعي ليس بسنة عند الأكل ، قال المؤلف رحمه الله بعد إيراد حديث سلمان في جامعه وفي الباب ، عن أنس وأبي هريرة وعائشة ، ثم قال : لا نعرف هذا الحديث يعني حديث سلمان إلا من حديث قيس بن الربيع ، وهو يضعف في الحديث ، قال : وقال ابن المديني : قال يحيى بن سعيد : كان سفيان الثوري يكره غسل اليدين قبل الطعام ، وكان يكره أن يوضع الرغيف تحت القصعة ، انتهى كلام المؤلف .

ولعل كلام الثوري محمول على ما إذا لم يكن شبهة في طهارة اليد ، فإنه حينئذ إسراف ، والله أعلم . وقال الذهبي في الكاشف ، في ترجمة قيس بن الربيع : كان شعبة يثني عليه ، وقال ابن معين : ليس بشيء ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي محله الصدق ، وقال ابن عدي : عامة رواياته سقيمة ، انتهى .

وقال الشيخ ابن حجر في التقريب : صدوق تغير بالآخرة لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه ، ذكره ميرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية