صفحة جزء
( حدثنا أبو كريب ) بالتصغير ( محمد بن العلاء ) بفتح العين ( ومحمد بن طريف ) بفتح المهملة ( الكوفي قالا ) أي المحمدان ( أنبأنا ابن الفضيل ) بالتصغير وفي نسخة بالتكبير ( عن الأعمش عن عبد الملك بن ميسرة ) بفتح ميم فسكون موحدة تحتية ففتحات ، ( عن النزال ) بفتح نون وتشديد زاي ، ( بن سبرة ) بفتح سين مهملة فسكون موحدة ، فراء فتاء تأنيث ، ( قال : أتي علي ) أي جيء ( بكوز من ماء وهو في الرحبة ) بفتح الراء وفتح الحاء المهملة ويسكن ، وفي الصحاح الرحبة بفتح الحاء المهملة المكان المتسع ، والرحبة بالسكون أيضا المكان المتسع ومنه أرض رحبة بالسكون أي متسعة ، ورحبة المسجد بالتحريك هي ساحته ، قال ابن التين : فعلى هذا يقرأ في الحديث بالتحريك ، وهذا هو الصحيح ذكره العسقلاني وقال في المغرب : أما في حديث علي أنه وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحبة الكوفة ، فإنه مكان وسط مسجد الكوفة ، وكان علي رضي الله عنه يقعد فيه ويعظ ( فأخذ منه ) أي من الماء أو الكوز ( كفا ) أي قدر كف من الماء ( فغسل يديه ) أي إلى رسغيه ( ومضمض ) عطف على أخذ لا على غسل ، كذا ذكره الحنفي ، وكذا قوله : ( واستنشق ) إلخ وقال العصام : الظاهر عطف مضمض على غسل ، فيكون المضمضة والاستنشاق وغسل اليدين ومسح الوجه والذراعين والرأس من كف واحد ، ولا صارف عنه ، ومنهم من تحرر عن لزوم ذلك فجعله عطفا على أخذ ، انتهى .

وقلت : لا صارف أقوى من استبعاد غسل هذه الأعضاء ، ومسح بعضها من كف واحد ، من طريق النقل الشرعي والعقل العرفي ، ( ومسح وجهه وذراعيه ) أي غسلها غسلا خفيفا ، فالمراد بالوضوء في كلامه الوضوء الشرعي ، ويؤيد ما وقع في بعض الروايات الصحيحة أنه غسلها ، أو لم يغسلها ، فالمراد به الوضوء العرفي ، وهو مطلق التنظيف ، ويؤيده ترك ذكر الرجلين في الأصل ، فيحمل خلاف الروايتين على تعدد الواقعة في الرحبة [ ص: 310 ] أو ترجيح إحداهما ( ورأسه ) أي ومسح رأسه كله أو بعضه ، ووقع في رواية ورجليه ، أي ومسحهما أي غسلهما غسلا خفيفا ، وفي رواية وغسل رجليه والله أعلم ، ( ثم شرب ) أي منه كما في نسخة أي من فضل ماء وضوئه ، ( وهو قائم ) حال ( ثم قال هذا ) أي ما ذكر ، الإشارة لما عدا الشرب ، ( وضوء من لم يحدث ) أي من لم يرد طهر الحدث ، بل أراد التجديد أو التنظيف ، وإلا فوضوء المحدث معلوم بشرائط معروفة ، ( هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ) ومن بعض المشار إليه الشرب قائما ، وهذا هو سبب إيراد الحديث في هذا الباب .

قال ميرك : الظاهر أن صنيعه صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز ، لا لبيان الاستحباب ; ليعلم أن الشرب من فضل الوضوء والشرب قائما جائزان .

قلت : لا خلاف في جواز الشرب من فضل الوضوء ; ليكون فعله دليلا على جوازه ، نعم شربه صلى الله عليه وسلم قائما يحتمل أن يكون لبيان الجواز ، وأن يكون للاستحباب بخصوص هذا الماء المتبرك عقيب هذا الفعل المعظم ، وهو مختار مشايخنا ، ومما يدل عليه عمل علي بعده صلى الله عليه وسلم ; لأنه لو كان فعله صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز ، كان تركه أفضل .

ثم الحديث برواية البخاري مذكور في المشكاة ، بأبسط من هذا ، وقد شرحناه شرحا بينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية