صفحة جزء
( حدثنا أبو عمار ) بفتح ، فتشديد ( الحسين بن حريث ) بالتصغير ( حدثنا الأعمش عن المعرور ) بفتح فسكون ، فضم ( بن سويد ) بالتصغير ( عن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لأعلم ) أي : بالوحي أو بالإلهام أو بغيرهما ، والمعنى أعرف ( أول رجل ) وفي بعض النسخ المصححة المكتوب عليه صوابه آخر رجل ( يدخل الجنة ، وآخر رجل يخرج من النار ) أي : من عصاة المؤمنين ، وهو محمول على التعدد بناء على نسخة الأول ، وأما على نسخة الآخر ، فيتعين الاتحاد ، فتأمل ليتبين لك المراد ، والأول أيضا ينبغي أن يقيد بالمذنبين من المؤمنين الواقفين في الحساب قال شارح ، وفي بعض النسخ ، وآخر رجل يدخل الجنة بعد قوله أول رجل يدخل الجنة ، وحاصله أول رجل يدخل الجنة ممن يخرج من النار لأن أول من يدخل الجنة على الإطلاق إنما هو النبي عليه السلام ( يؤتى بالرجل يوم القيامة ) يحتمل أن يكون بيانا للرجل الأول ; فيجب أن يخص بالأول من المذنبين ; لأن أول من يدخل الجنة على الإطلاق إنما هو [ ص: 21 ] النبي عليه السلام ، ويحتمل أن يكون بيانا للرجل الثاني ، وهو آخر رجل يدخل الجنة أو آخر رجل يخرج من النار لكن الأصح أن آخر رجل يخرج من النار هو الذي ذكر حاله في حديث ابن مسعود الآتي بعد هذا ; فالأولى أن يقال هو استئناف بيان لحال رجل ثالث غير الأول ، والآخر على أن في رواية الترمذي هنا وهما ، والصواب إني لأعلم آخر رجل يدخل الجنة إلخ ; فإنه هكذا رواه مسلم وغيره من حديث أبي ذر ، ويؤتى إلخ . على هذه الرواية أيضا بيان لحال رجل ثالث كما تقدم أو بيان لآخر رجل يدخل الجنة من غير أن يدخل النار تأمل والله أعلم ( فيقال ) أي : فيقول الله للملائكة ( اعرضوا ) بهمزة وصل ، وكسر راء أمر من العرض ( عليه ) أي : على الرجل ( صغار ذنوبه ) بكسر الصاد صغائر ذنوبه ( ويخبأ ) بصيغة المجهول من الخبء بالهمزة ، والظاهر أنه جملة حالية ، وأغرب ابن حجر في إعرابه حيث قال عطف جملته على جملة اعرضوا ; فلا يقال للملائكة اعرضوا ، واخبئوا عنه ذلك انتهى . فتأمل يظهر لك الخلل ، والمعنى يخفى ( عنه ) أي : عن الرجل ( كبارها ) أي : كبائر ذنوبه أي للحكمة الآتية ( فيقال له عملت ) أي : من القول والفعل ( يوم كذا ) أي : في الوقت الفلاني من السنة ، والشهر والأسبوع واليوم ، والساعة ( كذا ) أي : من الذنب ( وكذا ) أي : من الذنب الآخر ( وهو مقر لا ينكر ) أي : فيتذكر ذلك ، ويصدقه هنالك ( وهو مشفق ) من الإشفاق ، والجملة حال أي : والحال أنه خائف ( من كبارها ) أي : من إظهارها ، واعتبارها ; فإن من يؤخذ بالصغيرة ; فبالأولى أن يعاقب بالكبيرة ( فيقال أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة ) إما لتوبة أو لكثرة طاعته أو لكونه مظلوما في حياته أو لغير ذلك ( فيقول ) أي : طمعا للحسنات ( إن لي ذنوبا ما أراها هاهنا ) أي : في موضوع العرض أو في صحيفة الأعمال ( قال أبو ذر : فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك ثم بدت ) أي : ظهرت ( نواجذه ) في النهاية النواجذ من الأسنان الضواحك حتى يبدوا آخر أضراسه كيف ، وقد جاء في صفة ضحكه التبسم وإن أريد به الأواخر ، فالوجه فيه أن يراد مبالغة منه في ضحكه من غير أن يراد ظهور نواجذ من الضحك ، وهو أقيس القولين لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان ، وفي القاموس ، النواجذ : هي أقصى الأسنان أو التي تلي الأنياب أو الأضراس انتهى .

وقيل هي من الأنياب ، والمشهور أنها أربع من آخر الأسنان كل منها يسمى ضرس العقل ; لأنه لا ينبت إلا بعد البلوغ [ ص: 22 ] وقد لا يوجد هذه الأسنان في بعض أفراد الأسنان ، وسيأتي زيادة تحقيق في حديث ابن مسعود .

التالي السابق


الخدمات العلمية