صفحة جزء
( حدثنا عباس بن محمد الدوري ) بضم الدال ( أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( علي بن الحسن بن شقيق ) وفي نسخة ضعيفة : " الحسين " بالتصغير قال ميرك : وهو غلط ( أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد عن سعيد المقبري بفتح الميم فضم الموحدة ، ويفتح ( عن أبي هريرة قال : قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا ) بالدال المهملة ، والباء الموحدة أي : تمازحنا ، والمعنى : إنك نهيتنا عن المزاح كما سبق ، ونحن أتباعك مأمورون باتباعك في الأفعال ، والأخلاق فما الحكمة في ذلك ( قال : إني لا أقول إلا حقا ) جواب للسؤال على وجه متضمن للعلة الباعثة على نهيهم ، والمعنى : إني لا أقول إلا حقا حتى في مزاحي ، فكل من قدر على ذلك يباح له ، بخلاف من يخاف عليه أن يقع حال مزحه في الباطل من السخرية ، والاستهزاء ، ونحو ذلك من الأذى ، والكذب والضحك المفرط الموجب لقساوة القلب .

وإنما أطلق النهي نظرا إلى أحوال الأغلب كما هو من القواعد الشرعية في بناء الأحكام الفرعية فقد ثبت مزاح بعض الصحابة معه أيضا ، وقرره - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في حديث أذكره بعد حديث زاهر . والله أعلم .

وفي نسخة صحيحة تداعبنا يعني تمازحنا انتهى . فيكون من كلام المصنف أو أحد من مشايخه كما تقدم .

قال الطيبي : واعلم أن تصدير الجملة بأن المؤكدة يدل على إنكار أمر سابق كأنهم قالوا : لا ينبغي لمثلك في صدر الرسالة ، ومكانتك من الله المداعبة ، فأجابهم بالقول الموجب أي : نعم أداعب ، ولكن لا أقول إلا حقا لله در مزاح هو حق ، فكيف بجده انتهى .

وقوله كأنهم قالوا : لا ينبغي لمثلك إلى آخره مما لا ينبغي أن يقال فالصواب ما قدمناه ، فتأمل ولا تملل ، وانصف ليظهر [ ص: 35 ] لك وجه الخلل فيما جرى به قدم الزلل .

التالي السابق


الخدمات العلمية