صفحة جزء
( حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن زرارة ) بضم الزاي أوله ( ابن أوفى ) له صحبة مات في زمن عثمان بن عفان ( عن سعد بن هشام ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصل بالليل منعه ) ، الجملة استئناف تعليل ( من ذلك ) أي : الفعل وهو الصلاة بالليل ( النوم ) فاعل منعه ( أو غلبته ) أي : النبي عليه السلام ( عيناه ) أي : كثرة نعاسه فيهما فأو للتنويع وقيل أنه شك من الراوي ، ويحتمل أن يكون المراد من غلبة العينين أنه كان يغلب النوم بحيث لا [ ص: 88 ] يستطيع أن لا ينام ، ومن منع النوم قوة الرغبة فيه لا أنه يصير مغلوبا ، ويحتمل أن يكون بالعكس ، فيكون المراد من منع النوم أنه يمنعه عن الصلاة بالكلية بحيث لا يقدر أن يصلي معه ، ومن غلبة العين أنه لو صلى مثلا يمكن أنه لا يتأتى الخشوع الذي هو دأبه وهجيراه ، فلا يكون على الوجهين من شك الراوي انتهى .

والمعنى أنه حينئذ يكون للتقسيم ، ويمكن أن يكون وجه آخر بأن يحمل أحدهما على عدم التنبه ، والآخر على أنه ينتبه ولم يتنشط للقيام ، أو يقوم ويصلي بعض صلاة ، ولم يحصل تمام القيام ( صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) أي : تداركا لما فاته من التهجد كله أو بعضه لقوله تعالى : وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا وفي صحيح مسلم عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأ ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ؛ كان كمن قرأ من الليل " . وفيه دليل على جواز قضاء النافلة بل على استحبابه لئلا تعتاد النفس بالترك ، وعلى أن صلاة الليل ثنتا عشرة ركعة كما هو المختار عند أبي حنيفة ، ورواه مسلم ، وغيره عنها بلفظ : كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نام من الليل من وجع أو غيره ، فلم يقم من الليل صلى ثنتي عشرة ركعة ، وهذا فيه تنبيه على أنه كان يقدم وتره في أول الليل أو سكتت عن ذكر الوتر ; لأن تداركه معلوم بالأولى لكونه واجبا عندنا ، وآكد من التهجد عند غيرنا على أن مقتضى الترتيب الواجب عندنا أن الوتر يقضى قبل أداء فرض الفجر والله أعلم . وورد عنها أيضا : إحدى عشرة ركعة ، ولعله مبني على النسيان أو ضيق الوقت لأداء قضاء الوتر ، وبهذا يرد قول من قال لم يرد في شيء من الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى الوتر ولو سلم فقضاء التهجد مؤذن بأن قضاء الوتر بالأولى على أنه ما صح أنه - صلى الله عليه وسلم - فاته الوتر فإن الأحاديث دلت على أنه كان يصليه أول الليل أو أوسطه أو آخره ، ويمكن تأويل رواية عائشة إحدى عشرة ركعة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان من عادته في الليل أن يصلي إحدى عشرة ركعة مع الوتر ، فإذا نام عن التهجد دون الوتر كمل في النهار هذا العدد الفائت ، وبه يجمع بين رواية : ثنتي عشرة ركعة ، وبين رواية : إحدى عشرة ركعة . والله سبحانه أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية