صفحة جزء
( حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك بن أنس .

وحدثنا إسحاق بن موسى [ ص: 89 ] حدثنا معن حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر ) أي : ابن محمد بن عمرو بن حزم ( عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره ) أي : أخبر عبد الله بن أبي بكر ( عن زيد بن خالد الجهني ) بضم جيم ، وفتح هاء نسبة إلى قبيلة جهينة ( أنه قال ) أي : زيد ( لأرمقن ) بضم الميم ، وتشديد النون من الرموق : وهو النظر إلى شيء على وجه المراقبة ، والمحافظة والمعنى لأنظرن وأحفظن ( صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : في هذه الليلة حتى أرى كم يصلي كذا في شرح المظهر ، وقال الطيبي : عدل عن المضارع استحضارا لتلك الحالة الماضية لتقريرها في ذهن السامع أبلغ تقرير ، ويشهد لذلك عنايته بالمؤكدات ( قال ) أي : زيد ( فتوسدت عتبته ) العتبة أسكفة الباب ، والمعنى جعلت عتبته العالية وسادة لي ( أو فسطاطه ) وهو بيت من شعر بضم فائه ويكسر على ما في الصحاح ، فيكون المراد من توسده عتبته ; فهو شك من الراوي عن زيد أنه توسد عتبة بيته أو عتبة فسطاطه - صلى الله عليه وسلم - والظاهر الثاني ; لأن الاطلاع على صلاته - صلى الله عليه وسلم - إنما يتصور حال كونه في الخيمة في زمان السفر الخالي عن الأزواج الطاهرات ، فالترديد إنما هو في عبارته ، وإلا فالمقصود من عتبته أيضا عتبة فسطاطه ففي الحقيقة لا شك ( فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين خفيفتين ) أي : لما سبق ( ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ) ذكر طويلتين ثلاث مرات لغاية التطويل ، فكأنه قال : قدر ركعتين طويلتين ثلاث مرات ، وإنما طولهما ; لأنه في أول قوة العباد ، فقام بأقصى الطاقة ثم نزل بالتدريج كما قال : ( ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم أوتر ) قال ميرك : كذا وقع في رواية هذا الكتاب قوله : " ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما " أربع مرات ، وكذا في رواية مسلم ، والموطأ ، وسنن أبي داود ، وجامع الأصول ، وأفراد الحميدي لمسلم ، وعلى هذا يدخل الركعتان الخفيفتان [ ص: 90 ] تحت ما أجمله بقوله ( فذلك ثلاث عشرة ركعة ) ، ويكون الوتر ركعة واحدة ، ومن ذهب إلى أن الوتر ثلاث ركعات ، وحمل قوله : ثم أوتر ، على ثلاث ركعات فعليه أن يخرج الركعتين الخفيفتين من البين قلت لا يلزمهم ذلك لأن أكثر التهجد عندهم اثنتا عشرة ركعة ، فيكون الوتر ثلاثا ، والمجموع خمس عشرة ركعة ، وقد أغرب الحنفي في شرحه حيث قرر كون الوتر ركعة واحدة مع أن المذهب على خلافه بلا خلاف قال : ووقع في نسخ المصابيح قوله : ثم يصلي ركعتين ، وهما دون اللتين قبلهما ، ثلاث مرات ، فأخذ بظاهره شارحوه ، وقالوا : الوتر هنا ثلاث ركعات ; لأنه عد ما قبل الوتر عشر ركعات لقوله : ركعتين خفيفتين ، ثم صلى ركعتين ، ثم قال : ركعتين طويلتين ، فهذه أربع ركعات أخر انتهى .

والأول أصح وأصوب رواية ، ودراية والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية