صفحة جزء
( حدثنا أحمد بن منيع ) بفتح ميم فكسر نون ( عن هشيم ) بالتصغير ، وفي نسخة : حدثنا هشيم ( أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ، وفي أخرى حدثنا ( عبيدة ) بالتصغير ، وهو ابن معتب الضبي على ما ذكره الجزري ( عن إبراهيم ) [ ص: 112 ] أي : النخعي ( عن سهم بن منجاب ) بكسر ميم ، فسكون نون فجيم فألف بعدها موحدة ( عن قرثع ) بفتح قاف وسكون راء فمثلثة مفتوحة فعين مهملة ( الضبي ) بضاد معجمة ، وموحدة مشددة ( أو عن قزعة ) بفتح قاف وزاء ، وعين مهملة ( عن قرثع ) قال ميرك شاه رحمه الله : هكذا وقع في هذه الرواية بالشك ، وسيأتي من طريق أبي معاوية : عن قزعة عن القرثع ، من غير شك ( عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدمن ) من الإدمان بمعنى المداومة أي : يلازم ( أربع ركعات عند زوال الشمس ) أي : عند تحققه وبعد وقوعه للنهي عن الصلاة حالة الاستواء ، وإنما عدل عن قوله بعد زوالها ليفيد أن المقصود أول وقت زوالها بلا تراخ ، كأنه عند زوالها ، ولذا تسمى هذه الصلاة صلاة الزوال عند بعضهم خلافا لبعضهم حيث قال : المراد بها سنة الظهر ، وفيه إيماء إلى أن السنن القبلية يستحب تعجيلها في أوائل أوقاتها على خلاف في أداء الفرائض ، والمختار التفصيل على ما هو مقرر في محله ، ويدل على ما حررناه فيما قررناه ما سيأتي من حديث ابن السائب ، وكذا حديث البزار نحوه من حديث ثوبان ، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار ، فقالت عائشة : يا رسول الله أراك تستحب الصلاة هذه الساعة ، فقال : " يفتح فيها أبواب السماء ، وينظر الله إلى خلقه بالرحمة ، وهي صلاة كان يحافظ عليها آدم ، ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام " ، انتهى .

فقلت : يا رسول الله إنك تدمن أي : تواظب ( هذه الأربع الركعات ) وفي نسخة تكثر من هذه الركعات ( عند زوال الشمس ، فقال : إن أبواب السماء تفتح ) بصيغة المجهول ( عند زوال الشمس فلا ) بالفاء ، وفي نسخة ولا ( ترتج ) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية ، وتخفيف الجيم أي : لا تغلق ( حتى تصلى الظهر ) أي : صلاة الظهر بصيغة المفعول على أن الظهر قائم مقام فاعله ( فأحب ) بالفاء دخلت على المسبب لأن فتح أبواب السماء سبب لأن يحب صعود العمل فيها فالمعنى : أود وأتمنى ( أن يصعد ) بفتح أوله ، ويجوز ضمه أي : يطلع ويرفع ( لي في تلك الساعة خير ) أي : عمل خير من النوافل زيادة على ما كتب علي ؛ ليدل على كمال العبودية ونهاية الرغبة إلى العبادة الربوبية . قال ابن حجر تبعا لشارح قبله : فيه دليل على أن الصلاة خير موضوع كما ذكره - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر انتهى .

وهو غفلة من أن خيرا هنا ليس بمعنى أخير بل واحد الخيور ( قلت أفي كلهن قراءة ؟ ) أي بعد الفاتحة وجوبا كما هو مذهبنا من [ ص: 113 ] ضم سورة أو قدرها من القرآن ( قال : نعم ، قلت : هل فيهن ) أي : فيما بينهن من الشفعين ( تسليم فاصل ) أي : للخروج عن الصلاة احترازا من السلام الذي في التشهد ( قال : لا ) ، وهذا يدل على أن الأربع أفضل في النهار على ما ذهب إليه أئمتنا الثلاثة ، وإن خالف الإمام صاحباه في الليل .

ثم في قوله لا دليل واضح على سنية الوصل في سنة الزوال ، وكذا سنة الظهر ، والعصر مع جواز الفصل إجماعا ، وأبعد ابن حجر حيث قال فيه دليل لجواز نحو سنة الزوال ، والظهر بتسليمة واحدة ، وبعده لا يخفى لتصريح جوابه - صلى الله عليه وسلم - بلا الدالة على خلاف الأولى ثم قال : ولا يشكل عليه امتناع سنية أربع من التراويح بتسليمة ; لأن تلك لطلب الجماعة فيها أشبهت الفرائض فاقتصر فيها على الوارد فيها بخلاف نحو سنة الظهر على أن الوارد فيها كما علمت الفصل ، والوصل . وسترى ما تقرر من الفرق قلت ، وكذا ينبغي أن يقتصر في صلاة الزوال على الوارد فيها المؤكد لوصلها بالنهي عن فصلها ثم يقاس عليه كل صلاة نافلة نهارية ، ويحمل ما ورد من سنة الظهر إن صح بتسليمتين على بيان الجواز والله سبحانه أعلم قال ميرك شاه قوله قلت أفي كلهن قراءة ، الظاهر أنه من كلام أبي أيوب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أن يكون من كلام قرثع سأل أبا أيوب لكن يؤيد الأول ما عند أبي داود في هذا الحديث ، أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم يفتح لهن أبواب السماء ، وعند الطبراني قلت يا رسول الله هذه الصلاة التي قد أديت حين تزول الشمس إلخ . وفي آخره أتقرأ فيهن قال : نعم ، قلت : يفصل فيهن ، قال : نعم ، قلت يفصل فيهن بسلام قال : لا ، ولا يلزم فيه أن يسمي سنة الظهر صلاة الضحى كما فهمه ابن حجر ، وطعن طعنا بليغا على قائله مع أن عبارته إلا أن يقال المراد بالضحى في عنوان الباب أعم من الحقيقي ، وما هو قريب منه .

ثم مناسبة هذا الحديث ، وما بعده من الأحاديث لعنوان الباب الموضوع لصلاة الضحى غير ظاهرة بل كانت ملائمة للباب السابق ، اللهم إلا أن يتكلف أنها لقربها من صلاة الضحى أدرجت معها ، فهو نوع من جر الجوار مع ما فيه من الإيماء إلى أن صلاة الضحى تمتد إلى وقت الزوال ، وإنما تكون الصلاة النافلة بعده من متعلقات الظهر ، وأما قول من قال أن الضحى في الترجمة المراد بها أعم من الحقيقي والمجازي فمحمول على ما ذكرناه من مجاز المشارفة بطريق الغلبة على وجه التبعية .

( حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية أنبأنا ) ، وفي نسخة أخبرنا ( عبيدة ) بالتصغير ، وهو ضعيف اختلط في آخر عمره ( عن إبراهيم ) أي : النخعي ( عن سهم بن منجاب عن قزعة عن القرثع عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه ) أي : مثله معنى لا مبنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية