صفحة جزء
( حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان ) أي : الثوري [ ص: 153 ] ( عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل عثمان بن مظعون ) بالظاء المعجمة أي : وجهه أو بين عينيه ( وهو ميت ) وهو أخوه رضاعا قرشي أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وكان حرم الخمر في الجاهلية ، وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة ، ولما دفن قال نعم السلف هو لنا ودفن بالبقيع كان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة ( وهو ) أي : والحال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( يبكي ) أي : حتى سالت دموع النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه عثمان على ما في المشكلة قال ميرك : وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سفيان الثوري عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل عثمان بن مظعون ، وهو ميت قالت : فرأيت دموع النبي - صلى الله عليه وسلم - تسيل على خد عثمان .

وأخرج أيضا عن أبي النضر قال : لما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهبت ولم تلبس منها بشيء يعني من الدنيا ، وهذا مرسل لكن له شاهد عند ابن الجوزي في كتاب الوفاء عن عائشة قالت : لما مات عثمان بن مظعون كشف النبي - صلى الله عليه وسلم - الثوب عن وجهه ، وقبل بين عينيه ثم بكى طويلا فلما رفع عن السرير قال : طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ، ولم تلبسها ( أو قال ) أي : الراوي كما قاله الكاشاني وهو شك من أحد الرواة ( عيناه ) وفي نسخة ، وعيناه ( تهراقان ) بضم التاء ، وفتح الهاء ، وسكونها أيضا ، وفي نسخة بحذف الألف تصبان الدمع أو تصبان دموعهما قال العصام : فيه لغتان فتح الهاء على أنها عوض عن الهمزة ، وحينئذ ماضيه هراق ، وسكون الهاء على أنها زيدت ، والماضي أهراق رواية الكتاب على الوجهين ، والتركيب من قبيل جرى النهر انتهى .

وفي التاج للبيهقي الإراقة صب المائع ، والماضي أراق وفيه لغة أخرى هراق الماء يهريقه بفتح الهاء هراقة ، والشيء مهراق بالتحريك ، والهاء على هذه اللغة بدل عن الهمزة وحكى الجوهري أهرق الماء يهرق إهراقا على أفعل يفعل إفعالا لغة ولغة أخرى أهراق يهريق إهراقة فهو مهريق ومهراق ، والهاء على هذا القول زيدت عوضا من ذهاب الحركة من نفس العين لا من ذهابها أصلا ، لأن أصل أراق أروق أو أريق فكأنهم لما نقلوا الحركة من العين فحركوا بها الفاء الساكنة ، وقلبوا العين ألفا ، فلحق الكلمة ثلاثة أنواع من التغيير جعلوا هذه الهاء عوضا من الوهن الذي لحقها ، وكذا القول في اسطاع لغة في أطاع يطيع فاعرفه ، وقال صاحب النهاية : الهاء في هراق بدل من همزة أراق ، ويقال أهراقه إهراقا فيجمع بين البدل ، والمبدل .

التالي السابق


الخدمات العلمية