صفحة جزء
( باب ما جاء في ترجل رسول الله صلى الله عليه وسلم )

الترجل والترجيل : تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه ، واختار الترجل في العنوان مع ورود بعض الأحاديث من باب التفعيل إشارة إلى ترادفهما وغلبة ورود التفعل في أحاديث الباب . وفي المشارق : رجل شعره إذا مشطه بماء أو دهن ليلين ويرسل الثائر ويمد المنقبض . قال العسقلاني نقلا عن ابن بطال : هو من باب النظافة ، وقد ندب الشرع إليه ، أي بقوله : النظافة من الدين ، وقد قال تعالى : ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) ولأن الظاهر عنوان الباطن قال : وأما حديث النهي عن الترجل إلا غبا فالمراد ترك المبالغة في الترفه المشعر بأنها من هوى النفس ، والمشير بأنها في تنظيف الباطن أولى والمومئ إلى الجمع بينه وبين ما ورد من حديث : البذاذة من الإيمان ; وهي رثاثة الهيئة وترك الترفه والتواضع من القدرة لا بسبب جحد النعمة ، قال ميرك : وأخرج النسائي [ ص: 100 ] من طريق عبد الله بن بريدة أن رجلا من الصحابة يقال له عبيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن كثير من الإرفاه ، بكسر الهمزة وسكون الراء بعده فاء وآخره هاء ، التنعم ، وقال ابن بريدة : الإرفاه الترجل ، هكذا نقل الشيخ عن تخريج النسائي ، ووقع في أبي داود من حديث عبد الله بن بريدة قال : قال رجل لفضالة بن عبيد : مالي أراك شعثا ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه . فلعل لفظ فضالة سقط من شرح الشيخ أو من أصل النسائي ; إذ الصواب أن رجلا من الصحابة يقال له فضالة بن عبيد ، والله أعلم . قال الشيخ : وقيد في الحديث بالكثير إشارة إلى أن الوسط المعتدل منه لا يذم وبذلك يجمع بين الأخبار . وقد أخرج أبو داود بسند حسن عن أبي هريرة رفعه : من كان له شعر فليكرمه . وفي الموطأ : عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ثائر الشعر واللحية فأشار إليه بإصلاح رأسه ولحيته . وهو مرسل صحيح السند ، وله شاهد من حديث جابر ، أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية