صفحة جزء
( حدثنا يوسف بن عيسى ) : أخرج حديثه الستة غير ابن ماجه . ( أخبرنا وكيع ) : على وزن بديع . ( أخبرنا الربيع ) : بفتح الراء وكسر الموحدة . ( بن صبيح ) : بفتح مهملة وكسر موحدة ، هو السعدي البصري ، صدوق ، سيئ الحفظ ، أخرج حديثه البخاري - في تاريخه - والترمذي وابن ماجه . ( عن يزيد ) : مضارع الزيادة ، قال ابن حجر : ضعفوه ، فالحديث معلول ، انتهى . وفيه أن التفريع غير صحيح إذ لا يلزم من التضعيف كونه معللا كما هو مقرر في الأصول ، والظاهر أنه ضعيف عند بعضهم ، ولذا أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد له ، والترمذي عن ابن ماجه ، وسيأتي عليه كلام مبسوط . ( بن أبان ) : بهمزة مفتوحة وموحدة مخففة ، وهو منصرف إذا كان على وزن فعال ، وممتنع إذا كان على وزن أفعل كذا في الشرح ، وقال النووي : الصرف أظهر وكذا في المغني ، ويؤيده ما في القاموس من أن أبان كسحاب مصروف ، ابن عمرو وابن سعيد صحابيان ومحدثان ، ويقويه ما قال العصام من أنه لا يجوز أن يكون أفعل لأنه لا يعتل أفعل الأجوف أي للتفضيل كما تقرر في محله ، وأما قول ابن حجر بكسر الهمزة والنون مشددا أو بفتحها مخففا ; فالأول خطأ فاحش لمخالفته كتب اللغة وأسماء الرجال والنسخ المصححة والأصول المعتمدة . ( هو الرقاشي ) : بفتح الراء وخفة قاف [ ص: 102 ] وشين معجمة ، نسبة إلى رقاش بنت ضبيعة ، كذا في المغني ، وكأن العصام ما اطلع عليه حيث قال : كأنه منسوب إلى بني رقاش مع أنه قال في القاموس : رقاش كقطام ; علم للنساء . ( عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر ) : من الإكثار . ( دهن رأسه ) : وهو بفتح الدال المهملة وسكون الهاء ، استعمال الدهن بالضم . ( وتسريح لحيته ) : هو منصوب عطفا على دهن ، ومن جره بالعطف على رأسه قد أخطأ ، والمراد تمشيطها وإرسال شعرها وحلها بمشطها . ذكر ابن الجوزي في كتاب الوفاء عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع له سواكه وطهوره ومشطه ، فإذا هبه الله عز وجل من الليل استاك وتوضأ وامتشط . وأخرج الخطيب البغدادي في الكفاية عن عائشة قالت : خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن في سفر ولا حضر : المرآة ، والمكحلة ، والمشط ، والمدراء ، والسواك . وفي رواية : وقارورة دهن ، بدل المدراء . وأخرج الطبراني في الأوسط من وجه آخر عن عائشة قالت : كان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه ومشطه ، وكان ينظر في المرآة إذا سرح لحيته . هذا خلاصة ما قاله العسقلاني ، وقال ميرك : أورد ابن الجوزي في الوفاء رواية الخطيب من طريق أبي إبراهيم الترجماني قال : ثنا حسين بن علوان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : سبع لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتركهن في سفر ولا حضر : القارورة ، والمشط ، والمرآة ، والمكحلة ، والسواك ، والمقص ، والمدراء . قلت لهشام : المدراء ! ما باله ؟ قال : حدثني أبي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له وفرة إلى شحمة أذنيه فكان يحركها بالمدراء . وهو بكسر الميم وسكون المهملة : عود تدخله المرأة في رأسها لئلا ينضم بعضها إلى بعض ، والمقص بكسر الميم : آلة القص ، بمعنى المقطع وهي المقراض . ( ويكثر القناع ) : أي لبسه على حذف المضاف ، ولعل هذا على وجه إعادة العامل وهو بكسر القاف وخفة النون وفي آخره مهملة ، خرقة تلقى على الرأس تحت العمامة بعد استعمال الدهن وقاية للعمامة من أثر الدهن واتساخها به ، شبيه بقناع المرأة ، وفي الصحاح : هو أوسع من المقنعة وهي التي تلقي المرأة فوق المقنعة . قال القاضي : أي يكثر اتخاذه واستعماله بعد الدهن . ( حتى ) : غاية ليكثر . ( كأن ) : بتشديد النون . ( ثوبه ) : أي الذي كان على بدنه لإكثار دهنه ولملابسته قناعه . ( ثوب زيات ) : بفتح الزاي وتشديد التحتية ، بصيغة النسبة ، أي : صانع الزيت أو بائعه ، قيل : المراد بثوبه القناع ، واقتصر عليه ابن حجر ، وقال الحنفي : هو المناسب من حيث المعنى ، أي لنظافته صلى الله عليه وسلم لا يكون ثوبه كثوب الزيات . قال العصام : ولا يخفى أنه بعيد عن السوق وأن الظاهر حينئذ كأنه ثوب زيات ، انتهى . والتحقيق ما ذكره ميرك شاه رحمه الله في شرحه : قال الشيخ الجزري : الربيع بن صبيح كان عابدا ولكنه ضعيف في الحديث ، قال ابن حبان : كان عابدا ولم يكن الحديث من صناعته فوقع في حديثه المناكير من حيث لا يشعر . قلت : ومن مناكيره قوله في هذا الحديث : كأن ثوبه ثوب زيات فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أنظف الناس ثوبا وأحسنهم هيئة وأجملهم [ ص: 103 ] سمتا . وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا عليه ثياب وسخة فقال : " أما كان يجد هذا ما يغسل به ثوبه " . وقال صلى الله عليه وسلم : " أصلحوا ثيابكم حتى تكونوا كالشامة بين الناس " . انتهى كلام الشيخ . وقال الشيخ جلال الدين المحدث : يعني القايني شريك السيد أصيل الدين المحدث في الحديث : المراد بهذا الثوب القناع المذكور الذي يستر به الرأس لا قميصه أو رداؤه أو عمامته . أقول : ومما يؤيده ما وقع في بعض طرق الحديث حتى كاأن ملحفته ملحفة زيات . أورده الذهبي في ترجمة الحسن بن دينار ، وهو ابن سعيد التميمي السليطي ، وقد تكلم فيه بعض الأئمة ، وهو يرويه عن قتادة ، عن أنس . ويستفاد منه تقوية الربيع بن صبيح في الجملة على أنه قد وثقه بعض الأئمة ، قال : أبو زرعة صدوق . وقال ابن عدي : له أحاديث صالحة مستقيمة ، ولم أر له حديثا منكرا جدا وأرجو أنه لا بأس به وبروايته ، انتهى . وقد وجدت له متابعا عند ابن سعد ، أخرجه من طريق عمر بن حفص العبدي ، عن يزيد بن أبان ، عن أنس بلفظ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر التقنع بثوب حتى كأن ثوبه ثوب زيات أو دهان . فظهر أن الربيع لم ينفرد به ، فإذا حملنا الثوب على الملحفة التي توضع على الرأس تحت العمامة لوقاية العمامة والثياب عن الدهن لم يكن منافيا لنظافة ثوبه من رداء أو قميص أو غير ذلك . انتهى كلام ميرك ، وسبقه شارح المصابيح ، وزيف كونه منكرا بإيراد البغوي إياه في المصابيح من غير تعرض لضعفه ، وكذا في شرح السنة ، وبإيراد الترمذي في جامعه وجامع الأصول من غير تعرض لضعفه ، هذا ومما يدل على تعيين هذا المعنى أنه لو لم يرد هذا لما كان لذكر القناع فائدة ولا لغاية حتى كأن ثوبه ثوب زيات لقوله : " يكثر القناع " نتيجة بل كان المناسب حينئذ أن يقول : كان يكثر دهن رأسه حتى كأن ثوبه ثوب زيات ، وقد أبعد العصام حيث قال في هذا المقام : والجملة ناظرة إلى قوله : " يكثر دهن رأسه " مقررة لمضمونه ولذا فصلت .

التالي السابق


الخدمات العلمية