صفحة جزء
( حدثنا محمد بن المثنى ) : وزاد في نسخة قبله أبو موسى . ( أخبرنا ) : وفي نسخة " أنبأنا " . ( أبو داود ) : أي الطيالسي لأنه يروي عن شعبة . ( أخبرنا ) : وفي نسخة " حدثنا " . ( شعبة عن سماك بن حرب قال : سمعت جابر بن سمرة سئل عن شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ) : كذا بالفاء في الأصول المعتمدة ، وفي نسخة " قال " فلا إشكال ; لأنه بدل أو بيان أو مفعول ثان عند من يقول به ، وجملة سئل بتقدير قد أو بدونه حال معترضة ، وأما على الأول فقال العصام : لا يخفى أن " سئل " حال بتقدير قد ، وقوله " فقال " معطوف عليه ، وما بعده مقول القول ، فلم يبق في الكلام شيء يكون مفعولا ثانيا لسمعت فيحتاج إلى أن يقدر بعد تمام الإسناد يقول ، انتهى . وهو مبني على قول ضعيف أن " سمع " متعد بنفسه إلى مفعولين ، والأظهر أن " سئل " ، " وفقال " إلى آخره المجموع بيان للمسموع ، وحاصله أني سمعت كلام سائله ، فجوابه . ( كان دهن رأسه ) : بفتح الهاء ، وروي " ادهن " بتشديد الدال وكلاهما بمعنى واحد ، وهو استعمال الدهن بالضم ، كذا قاله الحنفي ، وفيه أن باب الافتعال منه لازم ، ففي القاموس : دهن رأسه وغيره دهنا بله ، وقد ادهن به على وزن افتعل . وقال ميرك : كذا في أصل سماعنا دهن من الثلاثي المجرد ، وكذا لم يدهن ، وفي بعض النسخ ادهن من باب الافتعال ، وكذا لم يدهن ، وعلى التقديرين يكون رأسه مفعولا . ولكن قال في المغرب : دهن رأسه أو شاربه إذا طلاه بالدهن وادهن على وزن افتعل إذا تولى ذلك بنفسه من ذكر المفعول ، فقوله ادهن شاربه خطأ . وفي الصحاح : دهنته بالدهن أدهنته وتدهن هو بنفسه وادهن أيضا على افتعل إذا تطلى بالدهن ، انتهى . قال العصام : وجاء في رواية ادهن من الافتعال وهو لازم فيرفع رأسه على أنه فاعل ادهن ، ومن حفظ معه نصب رأسه ، فبعضهم يخطئ الرواية ، وبعضهم يتكلف بما يخالف الدراية ، ومنهم من حكم بأنهما بمعنى واحد ولم ينظر هل اللغة تساعده فإن أبيت ، وصح أن الرواية نصب رأسه لا محالة فالتركيب من قبيل ( سفه نفسه ) أو على تضمين الادهان معنى الدهن ، انتهى . وقد تحقق مما سبق أن دعوى الرواية من الحنفي وردها من ميرك شاه ولا شبهة في أن قول ميرك أولى بالقبول في باب الرواية وإن كان [ ص: 112 ] نافيا ، والقاعدة أن المثبت مقدم ; لأن الحنفي ليس مظنة لما ادعاه فإن روايته المعتبرة من طريق ميرك وكذا رواية العصام ، نعم لو بينا من رويا عنه لقدما فإن زيادة الثقة مقبولة ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، ثم لم يصرح أحد برفع رأسه بل نفاه ميرك ولما خطأ الرواية وأيد خطأها بما في كتب اللغة من الدراية لم يلتفت إلى تصحيحها بتأويل يجوزه أهل اللغة ، وعندي أن هذا انتقال من ناقل الرواية مما وردت في حديث ليس فيه ذكر الرأس من غير تأمل للفرق في الموضعين ، والله أعلم ، وأما قول العصام : إنه من قبيل ( سفه نفسه ) فإنما على تقدير صحة الرواية أولا وضبط نصبه المبني عليها ثانيا ، ثم معنى الآية على ما قاله البيضاوي استمهنها وأذلها واستخف بها . قال المبرد وثعلب : سفه بالكسر متعد وبالضم لازم ويشهد له ما جاء في الحديث : " الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس " أي تحقرهم ، وقيل أصله سفه نفسه على الرفع فنصب على التمييز ، أو سفه في نفسه فنصب بنزع الخافض ، انتهى . فكلام العصام مبني على أحد القبيلين والأول منهما مذهب كوفي ; فإن التمييز لا يكون إلا نكرة عند البصري ، وأما قوله أو على التضمين فكأنه أراد أن التقدير أدهن داهنا رأسه . ( لم ير منه ) : أي من شعر رأسه أو من أجل دهنه . ( شيب ) : لالتباس بياضه للمعان الشعر من الدهن . ( فإذا لم يدهن ) : بضم الهاء كذا مضبوط في أصلنا ، وهو المفهوم من القاموس ، لكن قال الحنفي وتبعه العصام أن مضارعه بالحركات الثلاث ، والله أعلم . ( رئي ) : أي شيب . ( منه ) : ووقع في رواية مسلم والنسائي عن جابر أيضا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته وكان إذا دهن لم يتبين وإذا شعث رأسه تبين . قال الطيبي : شعث أي تفرق شعر رأسه ، فدل هذا على أنه عند الادهان كان يجمع شعر رأسه ويضم بعضه إلى بعض ، وكانت الشعرات البيض من قلتها لا تبين ، فإذا شعث رأسه ظهرت .

التالي السابق


الخدمات العلمية