صفحة جزء
( حدثنا زياد ) : بكسر الزاي وتخفيف التحتية . ( بن أيوب البغدادي ) : بفتح الموحدة ودال مهملة معجمة ، هو الأصح من الوجوه الأربعة ، وأما ما قاله العصام من الأشهر فيه ذال معجمة ثم مهملة فخلاف ما حققه شراح الشاطبية ، وقيل : رواية الكتاب بالمهملتين وهو المذكور في السنة العامة . وهو أبو هاشم ، طوسي الأصل ، ملقب بدلويه ، أخرج حديثه الشيخان والترمذي والنسائي . ( حدثنا أبو تميلة ، عن عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أمه ) : وهي لم تسم فغاير هذا الإسناد الإسنادين المتقدمين بهذه الزيادة مع مغايرة بعض رجال الإسناد ، وأما قول الحنفي في بعض النسخ : وجد في الأخير " يلبسه " وزيد فيه " عن أمه " ، ففيه أن قوله " عن أمه " موجود في جميع النسخ في الإسناد الأخير ، وإنما الخلاف في زيادة يلبسه في متنه . ( عن أم سلمة ) : قيل اسمها هند . ( قالت : كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص ) : اعلم أن المصنف أورد هذا الحديث بثلاثة أسانيد ، ووقع في بعض النسخ في الرواية الثالثة جملة " يلبسه قبل القميص " وهي جملة حالية عن " أحب الثياب " وتذكير الضمير باعتبار الثوب ، وفيه إشعار بما لأجله كان أحب إليه ، فإنه كان يحبه للبسه لا لنحو إهدائه فهو أحب إليه لبسا ، وأما الجمع بين هذا الحديث وبين ما سيأتي أن " الحبرة كانت أحب إليه " فبأن يقال : إن هذا محمول على الثياب المخيطة وذلك على غيره ، والله أعلم . ( قال ) : أي أبو عيسى المؤلف : وحذف لظهوره ودلالة السياق عليه . ذكره ميرك ، وفي نسخة " قال أبو عيسى " ، والظاهر أنه من تصرفات النساخ . وقال الحنفي ولم يوجد في بعض النسخ لفظ " قال " قلت : وهذا أيضا من تصرفاتهم مرة ينقصون وأخرى يزيدون ، والأصل المعتمد الأول وهو المعول . ثم المقول ( هكذا ) : أي بزيادة " عن أمه " في السند فالإشارة إلى السابق أو اللاحق . ( قال زياد بن أيوب ) : وما أحسن خصوصية زياد بالزيادة في الإسناد ، قال محمد بن حميد الرازي : روى عن أبي تميلة ولم يذكر فيه عن أمه ، وروى زياد بن أيوب عنه وذكر عن أمه . ( في حديثه ) : متعلقة بقوله " قال " ، قال العصام : ذا إشارة إلى ما في الإسناد من قوله : ( عن عبد الله بن بريدة ، عن أمه ، عن أم سلمة ) : ولم يكتف بتحديثه عن زياد بن أيوب بهذه العبارة ، وعقبه بقوله هكذا إلى آخره [ ص: 133 ] دفعا لتوهم أن زيادة " عن أمه " من تصرفاته لمعرفته أنه سقط عن إسناد زياد ، فدفع نقصان الإسناد بهذه الزيادة المعلومة له من تحقيق الإسناد ، ولم يكتف باسم الإشارة ، وبينه بقوله : عن عبد الله ، بطريق عطف البيان ; لأن صفة اسم الإشارة لا يكون إلا المعرف باللام لئلا يتوهم أن " هكذا " إشارة إلى متن الحديث ، والمقصود منه التنبيه على أنه نقل بالمعنى لا بخصوص لفظ " زياد " . وقوله ( وهكذا ) : إشارة إلى قوله : عن عبد الله بن بريدة ، عن أمه ، عن أم سلمة . ( روى غير واحد ) : قال ميرك : أي من مشايخي من أهل الضبط والإتقان . ( عن أبي تميلة مثل رواية زياد بن أيوب ) : والمقصود تقوية رواية زياد بن أيوب ، قال الحنفي : قوله : وروى غير واحد إلخ يدل على أن اثنين فصاعدا غير زياد بن أيوب رووا أيضا عن أبي تميلة مثل رواية زياد عنه . وقال العصام : ولم يكتف بقوله : هكذا ، فقال : عن أبي تميلة إلى آخره ; للتنبيه على أن ما بين أبي تميلة وعبد الله بن بريدة غير مختلف في رواية غير واحد ، ثم نبه على أن أبا تميلة يرجح زيادة " عن أمه " فقال : ( وأبو تميلة هذا يزيد في هذا الحديث ) : أي في ذكره . ( عن أمه وهو أصح ) : يعني تعقب قوله " عن أمه " بقوله " وهو أصح " ، فمقول يزيد قوله وهو الأصح ، وإنما زاد قوله " عن أمه " تعيينا لموقع هذه الزيادة ، ومن لم يتنبه له وجعل المزيد مجرد قوله " عن أمه " رأى قوله " وأبو تميلة " يزيد إلى آخره زيادة لا فائدة فيه ، واعتذر بأنه تأكيد ما سبق ، وجعل قوله : وهو أصح ، قول أبي عيسى دون أبي تميلة ، فقد أوضحت لك المرام ، وقد كان في غاية الإبهام ، وقال الحنفي : قوله " وأبو تميلة إلخ إشارة إلى أن غير أبي تميلة من الرواة عن عبد المؤمن مثل : الفضل بن موسى بطريقيه ، وزيد بن حباب ، بطريق محمد بن حميد الرازي لا يزيدون " عن أمه " ، وبالجملة لم يزد من بين الرواة عن عبد المؤمن إلا أبو تميلة ، ولم يزد من بين رواة أبي تميلة إلا محمد بن حميد الرازي ، وزاد غيره من زياد بن أيوب وغيره وهو الأصح ، انتهى . والمعنى أن هذه الرواية التي فيها زيادة " أمه " أصح من رواية إسقاطها ، وفي شرح ميرك قال المصنف في جامعه أي بعد رواية هذا الحديث : هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من حديث عبد المؤمن بن خالد ، تفرد به وهو مروزي ، وروى بعضهم هذا الحديث عن أبي تميلة ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أمه ، عن أم سلمة ، وإنما يذكر فيه أبو تميلة ، عن أمه . وسمعت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - قال : حديث ابن أبي بريدة ، عن أم سلمة أصح . وإنما حكم بكونه أصح إما لأنه لم يثبت عنده سماع عبد الله بن بريدة عن أم سلمة مطلقا أو في هذا الحديث بخصوصه ، وإما لأن أبا تميلة أوثق وأحفظ من رفيقيه وهما الفضل بن موسى وزيد بن حباب ، فإن علي بن المديني قدم أبا تميلة على الفضل بن موسى ، وقال : روى الفضل أحاديث مناكير . وقال أحمد : زيد بن الحباب صدوق ولكنه كان كثير الخطأ . وأما أبو تميلة فثقة محتج به عند الجماعة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية