صفحة جزء
( حدثنا سويد بن نصر ) : مر في باب الشعر . ( أخبرنا عبد الله بن المبارك ) : مر فيه أيضا . ( عن سعيد بن إياس ) : كرجال بكسر الهمزة وتخفيف التحتية . ( الجريري ) : منسوب إلى جرير مصغرا بجيم [ ص: 139 ] ورائين أحد آبائه ، كان قد اختلط قبل موته بثلاثة سنين ولم يكن اختلاطه فاحشا ، قال ابن معين : هو ثقة . وقال أبو حاتم الرازي : من كتب عنه قديما هو صالح حسن الحديث . ( عن أبي نضرة ) : سبق في باب خاتم النبوة . ( عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا ) : أي لبس ثوبا جديدا ، وأصله ما في القاموس : صيره جديدا . وأغرب من قال : أي طلب ثوبا جديدا . ولعل المراد طلب لبسه أو طلبه من أهله أو خدمه ، وعند ابن حبان من حديث أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة . ( سماه ) : أي الثوب المراد به الجنس . ( باسمه ) : أي المعين المشخص الموضوع له سواء كان الثوب ( عمامة ) : بكسر العين . ( أو قميصا أو رداء ) : أي أو غيرهما كالإزار والسروال والخف ونحوها ، فالمقصود التعميم مثل أن يقول : رزقني الله هذا القميص أو كساني هذه العمامة ، وأشباه ذلك . ( ثم يقول ) : أي بعد لبسه وتسميته . ( اللهم لك الحمد كما كسوتنيه ) : والضمير راجع إلى المسمى ، قال المظهر : ويحتمل أن يكون المراد بالتسمية أن يقول في ضمن كلامه بدلا عن ضمير " كسوتنيه " اللهم لك الحمد كما كسوتني هذا القميص أو العمامة مثلا . قال الطيبي : والأول أظهر لدلالة العطف بثم ، ثم قال : وقوله " كما كسوتنيه " مرفوع المحل بأنه مبتدأ والخبر أسألك إلخ وهو المشبه أي مثلما كسوتنيه من غير حول مني ولا قوة . ( أسألك خيره ) : أي أن توصل إلي خيره . ( وخير ما صنع ) : أي خلق . ( له ) : من الشكر بالجوارح والقلب والحمد لموليه باللسان . ( وأعوذ بك ) : عطف على أسألك ، أي أستعيذ بك من شره . ( وشر ما صنع له ) : من الطغيان والكفران ، انتهى كلام الطيبي . ويحتمل أن تكون " ما " مصدرية ، والكاف بمعنى " على " أو للتعليل أو للتشبيه ، أي الحمد على قدر إنعامه الكسوة وبطبقه وإزائه ، وإما للمبادرة كما في قول القائل أسلم كما تدخل الجنة ، ويحتمل أن يكون " كما " بمعنى " إذا " كما نقل عن الغزالي ، ويحتمل تعلق قوله " كما " بقوله " أسألك " ، والمعنى : أسألك ما يترتب على خلقه [ ص: 140 ] من العبادة به ، وصرفه فيما فيه رضاك ، وأعوذ بك من شر ما يترتب عليه مما لا ترضى به من الكبر والخيلاء وكوني أعاقب به لحرمته . وقال ميرك : خير الثوب بقاؤه ونقاؤه وكونه ملبوسا للضرورة والحاجة لا للفخر والخيلاء ، وخير ما صنع له وهو الضرورات التي من أجلها يصنع اللباس من الحر والبرد وستر العورة ، والمراد سؤال الخير في هذه الأمور ، وأن يكون مبلغا إلى المطلوب الذي صنع لأجله الثوب من العون على العبادة والطاعة لموليه ، وفي الشر عكس المذكورات وهو كونه حراما وبخسا ، أو لم يبق زمانا طويلا ، أو يكون سببا للمعاصي والشرور . هذا وقد ورد فيما يدعو به من لبس ثوبا جديدا أحاديث أخر منها ما أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه والمؤلف في جامعه وحسنه من حديث عمر مرفوعا : " من لبس ثوبا جديدا فقال الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق فتصدق به كان في حفظ الله وفي كنف الله وفي ستر الله حيا وميتا " .

ومنها ما أخرجه الإمام أحمد ، والمؤلف في جامعه وحسنه ، وأبو داود والحاكم وصححه ، وابن ماجه من حديث معاذ بن أنس مرفوعا : " من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر الله له ما تقدم من ذنبه " زاد أبو داود في روايته " وما تأخر " .

ومنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اشترى عبد ثوبا بدينار أو نصف دينار فحمد الله عليه إلا لم يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له " ، قال الحاكم هذا حديث لا أعلم في إسناده أحدا ذكر بجرح ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية