صفحة جزء
( حدثنا قتيبة ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ) : بضم المعجمة وفتح الموحدة ، نسبة إلى قبيلة بني ضبيعة كجهينة ، كذا في الأنساب للسمعاني ، فما في الشرح أنه نسبة إلى قبيلة [ ص: 155 ] ضبع كأنه سهو ، وجعفر صدوق زاهد ، لكنه ينسب إلى التشييع . ( عن مالك بن دينار ) : هو تابعي مشهور ، من علماء البصرة وزهادهم ، فالحديث مرسل ، قال ميرك : بل معضل ; لأن مالك بن دينار وإن كان تابعيا لكن روى هذا الحديث عن الحسن البصري ; وهو تابعي أيضا فقال : حدثنا الحسن قال : لم يشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز ولحم إلخ ، هكذا أخرجه أبو موسى المديني وأصحاب الغريب ، وله شاهد من حديث قتادة عن أنس كما سيأتي في باب العيش الطويل . ( قال : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز ) : التنوين للتنكير فهو شامل لعيش الحنطة والشعير . ( قط ) : بفتح القاف وتشديد المهملة ، قال ميرك : منهم من يقولها مخففة ويبنيها على أصلها ، أو يضم آخرها ، أو يتبع الضمة الضمة أي أبدا . ( ولحم ) : أي ومن لحم ، كذلك قال ميرك : الواو بمعنى مع وفيه بحث ، وفي نسخة " ولا لحم " بزيادة لا لتأكيد النفي . ( إلا على ضفف ) : بفتح الضاد المعجمة والفاء الأولى . قيل الاستثناء منقطع ، وقيل متصل ، والظاهر أنه مفرغ ، وقال ميرك : الاستثناء من الدهر الذي يدل عليه كلمة " قط " ، انتهى . وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم ما شبع من خبز بر أو شعير إلا على ضفف ، وكذا ما شبع من لحم أصلا إلا على ضفف ، ففي الكلام في الحقيقة نفيان واستثناءان ، وقد يقال : معناه لم يشبع من خبز ولحم قط إلا على ضفف ، لكن لا يلائمه تقديم " قط " على قوله " ولا لحم " ، وسيجيء في الباب الطويل في عيشه صلى الله عليه وسلم ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غذاء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف . وهو يلائم المعنى الأخير ولا ينافي المعنى الأول فالكل محتمل ، فتأمل . ( قال مالك ) : أي ابن دينار . ( سألت رجلا من أهل البادية ) : لأنهم أعرف باللغات الغريبة . ( ما الضفف ؟ فقال ) : وفي نسخة " قال " . ( أن يتناول ) : بضم أوله ، وفي نسخة بفتحه ، أي يستعمل الأكل . ( مع الناس ) : فمعنى الخبر أنه صلى الله عليه وسلم لم يشبع من خبز ولحم إذا أكل وحده ، ولكن شبع منهما إذا كان يأكل مع الناس ، وهذا على التفسير المذكور في الكتاب ، ثم قيل : معناه أنه كان يأكل مع أهل بيته أو مع الأضياف أو في الضيافات والولائم والعقائق ، والمراد بالشبع له صلى الله عليه وسلم أكله ملء ثلثي بطنه ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل ملء البطن قط ، وقال صاحب النهاية : الضفف الضيق والشدة ، أي لم يشبع منهما على حال من الأحوال إلا على حال الضيق والشدة ، وحاصله أنه لم يكن الشبع منهما على حال التنعم والرفاهية . وقال في الفائق : في الحديث لم يشبع من طعام إلا على ضفف ، وروي حفف شظف ، الثلاثة في معنى ضيق المعيشة وقلتها وغلظتها ، يقال : أصابها حفف وحفوف وحفت الأرض إذا يبس نباتها ، وعن الأصمعي : أصابهم من العيش ضفف أي شدة ، وفي رأي فلان ضفف أي ضعف ، وما رئي على بني فلان حفف ولا ضفف أي أثر عوز . والمعنى أنه لم يشبع إلا والحال خلاف الخصب والرخاء عنده ، وقيل : معناه اجتماع الأيدي وكثرة الآكلين ، أي لم يأكل وحده ولكن مع الناس ، وقال صاحب الصحاح : الضفف كثرة العيال ، وقولهم لا ضفف يشغله ولا ثقل أي لا يشغله عن حجه ونسكه عيال ولا متاع ، كذا وجدته بخط ميرك شاه رحمه الله وهو بعينه في شرحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية