صفحة جزء
الفصل الخامس : حكم الذمي إذا سب الله عز وجل

هذا حكم المسلم الساب لله - تعالى - . وأما الذمي فروي عن عبد الله بن عمر في ذمي تناول من حرمة الله - تعالى - غير ما هو عليه من دينه ، وحاج فيه ، فخرج ابن عمر عليه بالسيف فطلبه فهرب .

وقال مالك في كتاب ابن حبيب ، والمبسوطة ، وابن القاسم في المبسوط ، وكتاب محمد ، وابن سحنون : من شتم الله من اليهود ، والنصارى بغير الوجه الذي كفر به قتل ، ولم يستتب .

قال ابن القاسم : إلا أن يسلم . قال في المبسوطة : طوعا .

قال أصبغ : لأن الوجه الذي به [ ص: 592 ] كفروا هو دينهم ، وعليه عوهدوا من دعوى الصاحبة والشريك والولد .

وأما غير هذا من الفرية والشتم فلم يعاهدوا عليه ، فهو نقض للعهد .

قال ابن القاسم في كتاب محمد : ومن شتم من غير أهل الأديان الله - تعالى - بغير الوجه الذي ذكر في كتابه قتل إلا أن يسلم .

وقال المخزومي في المبسوطة ، ومحمد بن مسلمة ، وابن أبي حازم : لا يقتل حتى يستتاب مسلما كان أو كافرا ، فإن تاب وإلا قتل .

وقال مطرف ، وعبد الملك مثل قول مالك .

وقال أبو محمد بن أبي زيد : من سب الله - تعالى - بغير الوجه الذي به كفر قتل إلا أن يسلم .

وقد ذكرنا قول ابن الجلاب قبل ، وذكرنا قول عبيد الله ، وابن لبابة ، وشيوخ الأندلسيين في النصرانية وفتياهم بقتلها لسبها ، بالوجه الذي كفرت به الله والنبي وإجماعهم على ذلك ، وهو نحو القول الآخر فيمن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم بالوجه الذي كفر به ، ولا فرق في ذلك بين سب الله وسب نبيه ، لأنا عاهدناهم على ألا يظهروا لنا شيئا من كفرهم ، وألا يسمعونا شيئا من ذلك ، فمتى فعلوا شيئا منه فهو نقض لعهدهم .

واختلف العلماء في الذمي إذا تزندق ، فقال مالك ومطرف وابن عبد الحكم ، وأصبغ : لا يقتل ، لأنه خرج من كفر إلى كفر .

وقال عبد الملك بن الماجشون : يقتل لأنه دين لا يقر عليه أحد ، ولا تؤخذ عليه جزية .

التالي السابق


الخدمات العلمية